وقال الآخر :
فتركن نهدا عيّلا أبناؤها |
|
وبني فزارة كاللّصوت المرّد (١) |
وهلّا قلبوا الياء الأولى من «السّيّل» و «العيّل» لسكونهما وضمّ ما قبلهما؟
وقالوا أيضا : «اعلوّط اعلوّاطا» (٢) و «اخروّط اخروّاطا» (٣) فلم يقلبوا الواو الأولى منهما ياء وإن كانت ساكنة مكسورا ما قبلها!.
فالجواب : أنهم إنما فعلوا ذلك من قبل أن الياء والواو إذا أدغمتا بعدتا عن الاعتلال وعن شبه الألف ؛ لأن الألف لا تدغم أبدا ، فإذا قويتا بالإدغام لم تتسلط الحركتان قبلهما على قبلهما ، على أن منهم من يقلب الواو الأولى من هذا للكسرة قبلها ياء ، فيقول : «اجلوّذ اجليواذا» و «اخروّط اخريواطا» ولم يقلب الواو الآخرة وإن كانت قبلها ياء ساكنة ياء فيقول «اجليّاذا» و «اخريّاطا» ، من قبل أن قلب الأولى منهما عارض ليس بلازم ولا واجب ، فجرى ذلك مجرى ياء «ديوان» في أن لم تقلب لها الواو الآخرة فيقولوا : «ديّان» إذ لم تكن الأولى لازمة ولا واجبة ، وإنما قلبت لضرب من التخفيف. ومن قال : «اجليواذ» و «ديوان» فجعل للكسرة تأثيرا لم يقل في «سيّل» : «سويل» ولا في «عيّل» (٤) : «عويل» لأن قلب الواو ياء أخف من قلب الياء واوا ، ولو كان القلب هنا واجبا لقيل : «سويل» و «عويل» كما قالوا : «موسر» و «موقن».
وكذلك أيضا إن تحركت الياء والواو قويتا بالحركة ، فلم تقلبا للحركتين قبلهما ، وذلك نحو «غير» جمع «غيور» و «دجاج بيض» جمع «بيوض» وكذلك «حول» و «عوض» و «رجل عيبة».
__________________
(١) المرد : المترنين. يقول : لقد قتلنا آباءهم حتى تركنا أبناءهم عالة كاللصوص. والشاهد في كلمة «عيل» وهي كسيل في البيت السابق. إعراب الشاهد : عيلا : نعت سببي منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(٢) اعلوطت البعير : تعلقت بعنقه وعلوته. لسان العرب (٧ / ٣٥٥) مادة / علط.
(٣) اخروط السفر : طال. لسان العرب (٧ / ٢٨٦).
(٤) عيل : من عال يعول : إذا اعتمد على غيره في إعالته. لسان العرب (١١ / ٤٨٦) مادة / عول.