تدحرج «ددد» فإنما هذه أصوات ليست توزن ، ولا تمثّل بالفعل ، بمنزلة «صه» (١) و «مه» (٢) ونحوهما. فلما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أبي علي ما تعادل عندنا المذهبان أو قربا من التعادل.
وقد جاءت الفاء والعين واوين ، وذلك قولهم «أوّل» ووزنه «أفعل» ويدل على ذلك اتصال «من» به على حدّ اتصالها بـ «أفعل» الذي للتفضيل ، وذلك قولهم : «ما لقيتك مذ أوّل من أمس» فجرى هذا مجرى قولك : «هو أفضل من زيد وأكرم من عمرو». ولقولهم في مؤنثه «الأولى» فجرى ذلك مجرى قولك «الأفضل» و «الفضلى». فأما قولهم : «أوائل» بالهمز فأصله «أواول» لكن لما اكتنفت الألف واوان ، ووليت الآخرة منهما الطرف ، فضعفت ، وكانت الكلمة جمعا ، والجمع مستثقل ، قلبت الآخرة منهما همزة ، وقد أشبعنا القول في الرد على من خالفنا (٣) من البغداذيين في هذا الموضع في كتابنا (٤) في شرح «التصريف» (٥) ، وهذا الكتاب كأنه لاحق بذلك ومتصل به لاشتراكهما واشتباه أجزائهما ، فلذلك تركنا إعادة القول هنا ، وأحلنا على ذلك الكتاب في عدة مواضع من هذا.
وقد زيدت الواو أيضا في جماعة المذكرين ممن يعقل ، وذلك قولهم «الزّيدون» و «البكرون».
فإن قلت : فما تقول في قولهم في جمع «ثبة» و «ظبة» (٦) و «مائة» و «رئة» و «سنة» : «ثبون» و «ظبون» و «مئون» و «رئون» و «سنون».
أنشد أبو زيد ، وأنشدناه أبو علي (٧) :
__________________
(١) صه : اسم فعل أمر بمعنى اسكت.
(٢) مه : اسم فعل أمر بمعنى اكفف.
(٣) هو الفراء : فقد أجاز أن يكون من «وألت» ومن «ألت».
(٤) يريد المنصف (٢ / ص ٢٠٢ ـ ٢٠٤) ، والمسائل الشيرازيات لأبي علي المسألة الأولى.
(٥) هو كتاب «التصريف» لأبي عثمان المازني.
(٦) الظبة : حد السيف والسنان ، والخنجر ، والجمع «الظباة والظبين». اللسان (١ / ٥٦٨).
(٧) البيت للأسود بن يعفر وهو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن جندل بن نهشل بن دارم ويكنى أبا الجراح وكان رؤبة يقول : «يعفر» بضم الياء والفاء ، وكان الأسود شاعرا فحلا وكان يكثر التنقل بين العرب ويجاورهم فيذم ويحمد وله في ذلك أشعار.