وأما «برة» فحالها أيضا حال «ثبة» و «ظبة» والمحذوف منها اللام ، وهو حرف علة لقولهم : «أبريت الناقة» (١) و «هي مبراة» ولا دليل في «أبريت» على أن اللام ياء كما لم يكن ذلك في «ثبّيت» ولا في «أدنيت» والوجه أن تكون واوا لما قدّمناه ، فيكون الأصل «بروة» وقد حكيت أيضا في بعض نسخ الكتاب «بروة» في معنى «برة». وأيضا فقد قالوا : «بروت الناقة» في معنى «أبريتها». ويؤكد أن المحذوف منها اللام دون غيرها قولهم في الجمع «البرا» قال (٢) :
ذكرت والأهواء تدعو للصبّا |
|
والعيس بالركب يجاذبن البرا (٣) |
وأما «عضة» فمن الواو أيضا ، وأصلها «عضوة» ألا ترى أنهم فسروا قوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (الحجر : ٩١) أي : فرّقوه ، وجعلوه أعضاء ، قال ابن عباس ـ رحمه الله ـ أي : آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه ، فهو لفظ العضو ومعناه ، وقال الكسائي : «العضة» و «العضون» من «العضيهة» وهي الكذب. واللام على هذا هاء بمنزلة «است» (٤) و «سنة» (٥) فيمن قال «سنهاء».
وأما قولهم : «قلة» فأمرها بيّن لقولهم «قلوت بالقلة» إذا ضربت بها ، وأصلها لما ذكرناه «قلوة».
وكذلك «عزة» و «عزون» قياسها أن تكون في الأصل «عزوة» لأنها الجماعة ، فهي من معنى «عزوت الرجل إلى أبيه» إذا نسبته إليه ، وألحقته به ، فهذا هو معنى الجماعة.
__________________
(١) أبريت الناقة : جعلت في أنفها برة. لسان العرب (١٤ / ٧١) مادة / بري.
(٢) لم أعثر على قائله ، وقد ورد البيت في كتاب «القوافي» للأخفش (ص ٧٠).
(٣) الأهواء : جمع هوى وهو ميل النفس. والعيس : الإبل. البرا : جمع بروه وهي حلقة تكون في أنف الناقة. اللسان (١٤ / ٧١) مادة / بري. يقول : لقد تذكرت الأيام الماضية حين استعدت الإبل للرحيل. والشاهد مجيء جمع «برة» على «برا» مما يؤكد أن المحذوف هو اللام دون غيرها. إعراب الشاهد : البرا : مفعول به منصوب وعلامة النصب الفت حة المقدرة منع من ظهورها التعذر.
(٤) أصلها «سته» لقولهم في تصغيرها «ستيهة» وفي تكسيرها «أستاء».
(٥) سنة سنهاء : شديدة لا نبات فيها ولا مطر. اللسان (١٤ / ٤٠٥) مادة / سنا.