...... |
|
إلا الخلائف من بعد النّبيّين (١) |
وهذا أيضا جمع «نبيّ» على الصحة لا محالة ، فكسرت نون الجمع في هذه الأشياء ضرورة ، وأجريت في ذلك مجرى نون التثنية ، فلم يوقعوا بينهما فصلا لما ذكرت لك.
فاعرف هذا من حال واو الجمع ، فقد تقصّيته ، وقسمت وجوهه ، واغترقت طرق الكلام فيه.
وتزاد الواو في الفعل علامة للجمع والضمير نحو «الرجال يقومون ويقعدون».
وتزاد علامة للجمع مجردة من الضمير في قول بعض العرب (٢) : «أكلوني البراغيث» (٣) وعلى هذا أحد ما تؤوّلت عليه الآية (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (الأنبياء : ٣) (٤) فيمن لم يجعل في (أَسَرُّوا) ضميرا.
ومثل ذلك سواء قوله تعالى (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) (المائدة : ٧١) (٥) وقال الشاعر (٦) :
__________________
(١) الخلائف : جمع خليفة وهو من ينوب مكانك في الأمر. لسان العرب (٩ / ٨٣) مادة / خلف. لم يقم أحد مكان أحد بحق إلا الخلفاء الذين قاموا مقام الأنبياء في حراسة الدين وسياسة الدنيا والشاهد : مجيء كلمة «النبيين» مكسورة النون مع أنها زائدة مع الياء للدلالة على جمع المذكر السالم ، وذلك لكي تتناسب مع حركة الروي في باقي أبيات القصيدة. إعراب الشاهد : النبيين : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء.
(٢) قد حكى هذه اللغة البصريون عن طيء وحكاها بعضهم عن أزد شنوءة كما في «أوضح المسالك» (٢ / ٩٨) ، وانظر الكتاب (٢ / ٤٠ ، ٤١).
(٣) الكتاب (١٠ / ٢٠).
(٤) النجوى : ما ينفرد به الجماعة والإثنان سرّا كان أو ظاهرا. اللسان (١٥ / ٣٠٩) مادة / نجا. والشاهد في الآية قوله تعالى : (أَسَرُّوا) قالوا وهنا علامة على الجمع ، وفاعل أسروا : الذين ظلموا على رأي.
(٥) عموا : تعاموا. صموا : لم يسمعوا. والشاهد في هذه الآية كسابقتها.
(٦) اختلف في نسب البيت فقال بعضهم إنه لأمية بن أبي الصلت ، وقال آخرون إنه لأصبحة بن الجلاح.