مفيدة للجمع لأنها نائبة عن «مع» الموضوعة لإفادة الجمع ، ولا تجد فيها في هذه الحال معنى العطف ، وكذلك إذا كانت للحال نحو قوله تعالى : (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) (آل عمران : ١٥٤) (١) أي : يغشى طائفة منكم إذ طائفة في هذه الحال. وهذه الواو أيضا الدالة على معنى الحال غير معرّاة من معنى الجمع ، ألا ترى أن الحال مصاحبة لذي الحال ، فقد أفادت إذن معنى الاجتماع. وهذا كله تلخيص أبي علي ، وعنه أخذته.
وأما الواو التي بمعنى «مع» فقولهم : استوى الماء والخشبة ، وجاء البرد والطيالسة (٢) وما زلت أسير والنيل ، أي : مع النيل ، وكيف تكون وقصعة من ثريد ، أي : مع قصعة ، ولو خلّيت والأسد لأكلك ، أي : مع الأسد ، ولو تركت الناقة وفصيلها (٣) لرضعها ، أي : مع فصيلها ، وكيف تصنع وزيدا ، أي : مع زيد ، واجتمع زيد وأبا محمد على حفظ المال ، ومن أبيات الكتاب :
فكونوا أنتم وبني أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطّحال (٤) |
__________________
(١) يغشى : يغطي. لسان العرب (١٥ / ١٢٦) مادة / غشا. الطائفة : الجماعة. أهمتهم : شغلتهم. الشرح : لقد كان من الله وقت انهزامكم أن أنزل النعاس على طائفة منكم وطائفة أخرى قد أهمتهم أنفسهم وشغلتهم بكيفية الهرب من مواقع القتال. والشاهد أوضحه المؤلف بالمتن. إعراب الشاهد : طائفة : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. قد : حرف تحقيق وتأكيد. أهمتهم : فعل ماضي مبني على الفتح ، والتاء للتأنيث ، والهاء ضمير مبني في محل نصب مفعول به. أنفسهم : فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمة. وهم ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
(٢) الطيالسة : جمع الطيلسان وهو ضرب من الأكسية ، وحكي عن الأصمعي أنه قال : الطيلسان ليس بعربي ، قال : وأصله فارسي. لسان العرب (٦ / ١٢٥) مادة / طلس.
(٣) الفصيل : ولد الناقة إذا فصل عن أمه ، والجمع فصلان وفصال. (١١ / ٥٢٢) مادة / فصل.
(٤) الكليتين : تثنية كلية بضم الكاف ، وهي في الإنسان وغيره من الحيوان. اللسان (١٥ / ٢٢٩). الطحال : بكسر الطاء : عضو من أعضاء بدن الإنسان. لسان الميزان (١١ / ٣٩٩) مادة / طحل بني أبيكم : الأخوة وأبناء العم. الشاهد في «كونوا أنتم وبني أبيكم» إذ يطلب ممن يخاطبهم فقط أن يكونوا مع أبناء أبيهم متماسكين متصلين تماسك الكليتين من الطحال ، وهذا المعنى يناسبه أن تكون الواو بمعنى (مع) ولو جعلت الواو للعطف لكان مقتضى الكلام أنه يطلب ممن يخاطبهم ومن بني أبيهم أيضا التماسك والاتصال ، وهذا المعنى لا يريده الشاعر بل يريد المعنى الأول ، ولذلك ترجح أن تكون (بني أبيكم) منصوبة على أنها مفعول معه.