أي : مع بني أبيكم ، فلما حذف «مع» وأقام الواو مقامها أفضى الفعل الذي قبل الواو إلى الاسم الذي بعدها. فنصبه بواسطة الواو ، وذلك أن الواو قوّته ، فأوصلته إليه ، وقد استقصيت هذا الفصل في حرف الباء من كتابنا هذا.
وأما الواو التي للحال فنحو قولك : مررت بزيد وعلى يده باز ، أي : مررت به وهذه حاله ، ولقيت محمدا وأبوه يتلو ، أي : لقيته وهذه حاله ، ونظرت إلى سعيد وسيفه على كتفه ، أي : نظرت إليه وهذه حاله. ولا يقع بعد هذه الواو إلا جملة مركبة من مبتدأ وخبر ، لو قلت : كلمت محمدا وقام أخوه ، وأنت تريد معنى الحال لم يجز إلا أن تريد معنى «قد» فكأنك قلت : كلمت محمدا وقد قام أخوه ، وذلك أن «قد» تقرّب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أو تكاد.
ألا تراهم يقولون : «قد قامت الصلاة» قبل حال قيامها ، وإنما جاز ذلك لمكان «قد» وعلى قول الشاعر (١) :
أمّ صبيّ قد حبا أو دارج (٢)
فكأنه قال : أمّ صبيّ حاب أو دارج.
__________________
(١) البيت لجندب بن عمرو كما في ديوان الشماخ (ص ٣٦٣) وهو بغير نسبة في معاني القرآن للفراء (١ / ٢١٤).
(٢) حبا : الحبو : أن يمشي على يديه وركبتيه أو إسته. لسان العرب (١٤ / ١٦١) مادة / حبا. والدارج من مشا مشيا ضعيفا ودبّا. لسان العرب (٢ / ٢٦٦) مادة / درج. والشاهد في قوله «قد حبا» فقد تقرب الماضي إلى الحال فكأنه قال : حاب ، ودارج ، وجاز له ذلك لأن قد تقرب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أو تكاد. لسان العرب (٢ / ٢٦٦). إعراب الشاهد : قد : حرف تحقيق وتأكيد. حبا : فعل ماضي مبني على الفتح لعدم اتصاله بشيء وفاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود على صبي. وجملة «قد حبا» في محل جر نعت لـ «صبي».