حرف الألف السّاكنة
اعلم أن هذه الألف هي التي بعد اللام قبل الياء في آخر حروف المعجم وهي التي في قولنا «لا». وإنما لم يجز أن تفرد من اللام وتقام بنفسها كما أقيم سائر حروف المعجم سواها بأنفسها من قبل أنها لا تكون إلا ساكنة تابعة للفتحة ، والساكن لا يمكن ابتداؤه ، فدعمت باللام ليقع الابتداء بها ، وتأتي الألف ساكنة بعدها. وقول من لا خبرة له بحقيقة اللفظ بحروف المعجم «لام الف» خطأ.
فأما قول أبي النجم (١) :
خرجت من عند زياد كالخرف |
|
تخطّ رجلاي بخطّ مختلف |
تكتبان في الطريق لام الف (٢) |
فلم يرد شكل «لا» دون غيره ، وإنما هذا كقولك : تكتبان قاف دال ، أو جيم طاء ، أي كأنهما تخطّان حروف المعجم ، لا يريد بعضا دون بعض ، على أنه أيضا قد يمكن أن يكون أراد بقوله : «لام الف» هذا الشكل المقدّم ذكره إلا أنه تلقاه من أفواه العامة ؛ لأن الخط ليس له تعلق بالفصحاء ، ولا عنهم يؤخذ.
ويؤكد ذلك عندك أن واضع حروف المعجم إنما وسمها لنا منثورة غير منظورة ، فلو كان غرضه في «لا» أن يرينا كيف اجتماع اللام مع الألف ، للزمه أيضا أن يرينا كيف تتركب الجيم مع الطاء ، والقاف مع الياء ، والسين مع الهاء ، وغير ذلك مما يطول تعداده ، وإنما غرضه ما ذكرت لك من توصله إلى النطق بالألف ، فدعهما باللام ليقع الابتداء بها ، وتأتي الألف ساكنة بعدها.
__________________
(١) الأبيات في ديوانه (ص ١٤١) والخزانة (١ / ٤٨ ـ ٥١) وهي بغير نسبة في المقتضب (٣ / ٣٥٧).
(٢) الخرف : خرف خرفا فسد عقله من الكبر فهو خرف. لسان العرب (٩ / ٦٢). يقول : إنه خرج من عند زياد فاقدا عقله تخط رجلاه خطى مختلفة وترسم في خطاها حرف اللام ألف. والشاهد فيه (لام ألف) حيث لم يرد شكل (لا) وإنما أراد مجرد الشكل الذي تخطانه القدم.