على أن من العرب من يقف على جميع ما لا ينصرف إذا كان منصوبا بالألف ، فيقول : رأيت أحمدا ، وكلّمت عثمانا ، ولقيت إبراهيما ، وأصبحت سكرانا. وإنما فعلوا ذلك لأنهم قد كثر اعتيادهم لصرف هذه الأسماء وغيرها مما لا ينصرف في الشعر ، والشعر كثير جدا ، وخفّت أيضا عليهم الألف ، فاجتلبوها فيما لا ينصرف لخفتها وكثرة اعتيادهم إياها ، لا سيما وهم يجتلبونها فيما لا يجوز تنوينه في غير الشعر ، نحو قول جرير :
........ |
|
وقولي إن أصبت لقد أصابا (١) |
و (٢) :
....... |
|
إذا ما الفعل في است أبيك غابا (٣) |
وقالوا أيضا : جئ به من حيث وليسا ، يريدون «وليس» فأشبعوا فتحة السين بإلحاق الألف ، وسنذكر هذا الفصل في هذا الحرف بعون الله ، فهذا إبدال الألف من نون الصرف.
الثاني : إبدالها من نون التوكيد الخفيفة إذا انفتح ما قبلها ووقفت عليها ، وذلك نحو قوله تعالى : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) (العلق : ١٥) (٤) إذا وقفت قلت (لَنَسْفَعاً) وكذلك : اضربن زيدا ، إذا وقفت قلت : اضربا ، قال الأعشى (٥) :
....... |
|
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا (٦) |
يريد : فاعبدن.
__________________
(١) الشاهد فيه (أصابا) حيث أتى بالألف للوقوف عليها في القافية لخفتها.
(٢) عجز البيت لجرير من قصيدته التي يهجو فيها الراعي النميري في ديوانه (ص ٨٢١) وصدره : أجندل ما تقول بنو نمير
(٣) جندل : ابن الراعي. الشاهد فيه (غابا) حيث وقف بالألف على ما لا يجوز تنوينه وذلك لخفتها.
(٤) الشاهد فيه (لنسفعا) حيث أبدلت نون التوكيد الخفيفة ألفا عند الوقف عليها.
(٥) ديوانه (ص ١٨٧).
(٦) الشاهد فيه (فاعبدا» حيث أبدلت نون التوكيد الخفيفة ألفا عند الوقف عليها وانفتاح ما قبلها ، والتقدير (فاعبدن).