وهذه أيضا لا يجوز الوقوف عليها دون ما بعدها ؛ لأنها إذا كانت مثقّلة على أصلها لم يجز الوقوف عليها ، لأن ما بعدها من اسمها وخبرها صلة لها ، وخطأ الوقوف على الموصول دون صلته وهو اسم ، فكيف به وهو حرف! ولا سيما وقد أجحف به بتخفيفه وإزالة التثقيل عنه ، وأيضا فإن السين ، وسوف ، وقد ، ولا بعده في نحو : علمت أن سيقوم زيد ، وسوف يقوم ، وأعلم أن قد فعلت.
ونحو قولها (١) :
فلما رأينا بأن لا نجاء |
|
وأن لا يكون فرار فرارا (٢) |
إنما هي أعواض للتخفيف من الحرف المحذوف الذي كان كأنه مصوغ مع الكلمة من جملة حروفها ، وفي موضع اللام لو وزنت منها ، أعني الهاء ، وكما أنه كالعوض من النون المحذوفة التي هي من نفس الكلمة ، كذلك يجب أن يلزم ما قبله ، ولا يفارقه ، ولا ينفصل منه ، ولا يوقف عليه دونه كما لا يوقف على إحدى النونين دون الأخرى ، وإذا كان ذلك كذلك فقد عرفت به شدة اتصال «أن» المخففة من الثقيلة بما بعدها ، فبحسب ذلك ما لا يجوز أن يوقف دونه عليها.
أو أن تكون «أن» المزيدة في قوله تعالى : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) (العنكبوت : ٣٣) (٣) ونحو قول الشاعر (٤) :
ويوما توافينا بوجه مقسّم |
|
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (٥) |
فيمن جرّ الظبية.
__________________
(١) لم أقف عليها فيما بين أيدينا من مراجع.
(٢) فرارا : هربا. والشاهد فيه (أن لا ..) حيث لا يجوز إبدال نون (أن) ألفا.
(٣) الشاهد فيه (أن جاءت) حيث جاءت أن المخففة زائدة ومع ذلك لا يجوز إبدال نونها ألفا والوقوف عليها.
(٤) هذا البيت اختلف في قائله : فعند أبي عبيد البكري : هو لراشد بن شهاب اليشكري ، وعند سيبويه : هو لابن صريم اليشكري ، وكذا قال النحاس والأعلم ، وكذلك الكتاب (١ / ٢٨١) ، ونسب في الأصمعيات إلى (الأصمعية ٥٥) علباء بن أرقم ، وهو بغير نسب في المنصف (٣ / ١٢٨) وقال ابن بري في حاشية الصحاح : هو لباغت بن صريم.
(٥) المقسم : رجل مقسم الوجه أي جميل كله كأن كل موضع منه أخذ وسما من الجمال.