واعلم أن هذه الألف قد زيدت في الاسم المثنى علما للتثنية ، وذلك قولهم : رجلان ، وفرسان ، وزيدان ، وعمران. واختلف الناس من الفريقين في هذه الألف ما هي من الكلمة ، فقال سيبويه (١) : هي حرف الإعراب ، وليست فيها نية إعراب ، وإن الياء في حال الجر والنصب في قولك : مررت بالزيدين ، وضربت العمرين حرف إعراب أيضا ، ولا تقدير إعراب فيها ، وهو قول أبي إسحاق ، وابن كيسان ، وأبي بكر ، وأبي علي.
وقال أبو الحسن (٢) : إن الألف في التثنية ليست حرف إعراب ، ولا هي أيضا إعراب ، ولكنها دليل الإعراب (٣) ، فإذا رأيت الألف علمت أن الاسم مرفوع ، وإذا رأيت الياء علمت أن الاسم مجرور أو منصوب. وإليه ذهب أبو العباس (٤).
وقال أبو عمر الجرمي صالح بن إسحاق (٥) : الألف حرف إعراب كما قال سيبويه ، ثم إنه كان يزعم أن انقلابها هو الإعراب.
وقال الفراء وأبو إسحاق الزيادي : الألف هي الإعراب ، وكذلك الياء. واعلم أنّا بلونا هذه الأقوال على تباينها وتنافرها واختلاف ما بينها ، وترجيح مذاهب أهلها القائلين بها ، فلم نر فيها أصلب مكسرا ولا أحمد مخبرا من مذهب سيبويه ، وسأورد الحجاج لكل مذهب منها والحجاج عليه.
إن سأل سائل فقال : ما الدليل على صحة قول سيبويه : إن ألف التثنية حرف الإعراب دون أن يكون الأمر فيها على ما ذهب إليه أبو الحسن أو غيره ممن خالفه؟
فالجواب : أن الذي أوجب للواحد المتمكن حرف الإعراب في نحو «رجل» و «فرس» هو موجود في التثنية في نحو قولك : «رجلان» و «فرسان» وهو التمكن ، فكما أن الواحد المعرف المتمكن يحتاج إلى حرف إعراب ، فكذلك الاسم المثنى إذا كان معربا متمكنا احتاج إلى حرف إعراب ، وقولنا : «رجلان ، وفرسان ،
__________________
(١) الكتاب (١ / ٤).
(٢) المقتضب (٢ / ١٥٢).
(٣) قال في معاني القرآن (ص ١٤): «وجعل رفع الاثنين بالألف».
(٤) المقتضب (٢ / ١٥٢ ـ ١٥٣).
(٥) المقتضب (٢ / ١٥١).