فيها لفظ الواحد وصيغته البتة ، ثم تزيد عليها علم التثنية ، وهي الألف ، فتقول : الزيدان ، والرجلان ، فجرى ذلك مجرى قولنا : «قائم» فإذا أردنا التأنيث أدّينا صيغة المذكر بعينها ، ثم زدنا علم التأنيث ، وهو الهاء ، فقلنا «قائمة» وكذلك «قاعد» و «قاعدة» ، فالتثنية إذن بالتأنيث أشبه منها بجمع التكسير ، فبه ينبغي أن يقاس لا بجمع التكسير ، وهذا أوضح.
وأيضا فإن حرف الإعراب من جمع التكسير كما يكون هو حرف الإعراب في الواحد فيما ذكرت ، فقد يكون أيضا غير حرف الإعراب في الواحد نحو قولك : غلام وغلمان ، وجريب وجربان ، وصبيّ وصبية ، وضاربة وضوارب ، وقصعة وقصاع ، وقتيل وقتلى ، وصريع وصرعى ، وغير ذلك مما يطول ذكره. فقد علمت أنه لا اعتبار في هذا بجمع التكسير ، وعلم التثنية لا يكون لفظ الواحد أبدا ، كما أن علم التأنيث لا يكون لفظ المذكر أبدا ، فهو لما ذكرت به أشبه.
وأيضا فلو كان حرف الإعراب في «الزيدان» هو الدال كما كان في الواحد لوجب أن يكون إعرابه في التثنية كإعرابه في الواحد ، كما أن حرف الإعراب في نحو : «فرس» لما كان هو السين ، وكان في «أفراس» أيضا هو السين كان إعراب «أفراس» كإعراب «فرس» ، وهذا غير خفي ، على أنّا لا نعلم أحدا ذهب إلى أن حرف الإعراب في الواحد هو حرف الإعراب في التثنية ، وإنما قلنا ما قلنا احتياطا لئلا تدعو الضرورة إنسانا إلى التزام ذلك ، فيكون جوابه وما يفسد به مذهبه حاضرا عتيدا.
ولا يجوز أيضا أن تكون النون حرف الإعراب لأنها حرف صحيح يتحمل الحركة ، فلو كانت حرف إعرابه لوجب أن تقول : قام الزيدان ، ورأيت الزيدان ، ومررت بالزيدان ، فتعرب النون ، وتقرّ الألف على حالها ، كما تقول : هؤلاء غلمان ، ورأيت غلمانا ، ومررت بغلمان. وأيضا فإن النون قد تحذف في الإضافة ، ولو كانت حرف إعراب لثبتت البتة في الإضافة ، كما تقول : هؤلاء غلمانك ، ورأيت غلمانك ، فقد صحّ أن الألف حرف الإعراب.
فإن قلت : فإذا كانت الألف حرف الإعراب فما بالهم قلبوها في الجر والنصب ، فقالوا : مررت بالزيدين ، وضربت الزيدين ، وهلا دلّك قلبها على أنها ليست كالدال