من «زيد» إذ الدال ثابتة على كل حال ، ولا كألف «حبلى» و «سكرى» لأنها موجودة في الرفع والنصب والجر؟
فالجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أن انقلاب الألف في الجر والنصب لا يمنع من كونها حرف إعراب ؛ لأنّا قد وجدنا فيما هو حرف إعراب بلا خلاف بين أصحابنا هذا الانقلاب ، وذلك ألف «كلا» و «كلتا» في قولهم : قام الرجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما ، ومررت بهما كليهما ، وكلتيهما ، وضربتهما كليهما ، وكلتيهما ، فكما أن الألف في «كلا» و «كلتا» حرف إعراب وقد قلبت كما رأيت ، فكذلك أيضا ألف التثنية حرف إعراب وإن قلبت في الجر والنصب.
فإن قلت : إن انقلاب ألف «كلا» و «كلتا» إنما هو لعلة أنهما أشبهتا «على» و «إلى» و «لدى».
قيل لك : وألف التثنية أيضا انقلبت لعلة سنذكرها عقيب هذا الفصل بإذن الله.
ومثل ذلك أيضا من حروف الإعراب التي قلبت قولهم : هذا أخوك وأبوك وحموك وهنوك وفوك وذو مال ، ورأيت أباك وأخاك وحماك وهناك وذا مال ، ومررت بأخيك وأبيك وحميك وهنيك وفيك وذي مال ، فكما أن هذه كلها حروف إعراب ، وقد تراها منقلبة ، فكذلك لا يستنكر في حرف التثنية أن يقلب وإن كان حرف إعراب.
قال أبو علي (١) : فلو لم تكن الواو في «ذو» حرف إعراب لبقي الاسم المتمكن على حرف واحد ، وهو الذال.
ومثل ذلك أيضا قولهم فيما ذكر أبو علي : هذه عصيّ (٢) ، و (يا بُشْرى)(٣) فيمن قرأ بذلك.
__________________
(١) المسائل البغداديات (ص ٥٤٠ ـ ٥٤١).
(٢) عصى : من ذلك قوله تعالى : (هِيَ عَصايَ) (طه : ١٨) فقد قرأ ابن أبي إسحاق والجحدري هي عصى البحر المحيط (٦ / ٢٣٤).
(٣) هذه قراءة أبي الطفيل والجحدري وابن أبي إسحاق ورويت عن الحسن. المحتسب (١ / ٣٣٦).