وقال ذو الرمة أيضا (١) :
هيا ظبية الوعساء بين جلاجل |
|
وبين النّقا آأنت أم أمّ سالم؟ (٢) |
أراد : أأنت ، فثقل عليه تحقيق الهمزتين ، ففصل بينهما بالألف ، وكذلك الباقي.
ومن ذلك الألف التي تلحق أواخر الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة إذا حقّرت عوضا من ضمة أول الحرف ، وذلك قولهم في «ذا» : «ذيّا» وفي «تا» : «تيّا» وفي «ذاك» : «ذيّاك» وفي «ذلك» : «ذيّالك» وفي «الذي» : «اللّذيّا» وفي «التي» : «اللّتيّا» وفي «هؤلاء» مقصورا : «هؤليّا» وفي «أولاء» ممدودا : «أليّاء». وهذه مسألة اعترضت ههنا ، ونحن نوضحها.
اعلم أن «أولاء» وزنه إذا مثّل «فعال» كغراب ، وكان حكمه إذا حقرته على مثال تحقير الأسماء المتمكنة أن تقول : هذا أليّئ ، ورأيت أليّئا ، ومررت بأليّئ ، فلما صار تقديره «أليّئ» أرادوا أن يزيدوا في آخره الألف التي تكون عوضا من ضمة أوله ، كما قالوا في «ذا» : «ذيّا» وفي «تا» : «تيّا» ، فلو فعلوا ذلك لوجب أن يقولوا «أليّئا» فيصير بعد التحقير مقصورا ، وقد كان قبل التحقير ممدودا ، فأرادوا أن يقرّوه بعد التحقير على ما كان عليه قبل التحقير من مدّه ، فزادوا الألف قبل الهمزة ، فالألف الآن التي قبل الهمزة في «أليّاء» ليست بتلك التي كانت قبلها في «أولاء» ، إنما هذه في «أليّاء» هي الألف التي كان سبيلها أن تلحق آخرا ، فقدمت كما ذكرنا.
وأما ألف «أولاء» فقد قلبت ياء كما تقلب ألف «غلام» إذا قلت «غليّم» وهي الياء الثانية في «أليّاء» والياء الأولى هي ياء التحقير.
فإن قلت : فإن الألف إنما تلحق آخرا في تحقير هذه الأسماء ، لأنها جعلت عوضا من ضمة أوائلها ، وأنت في «أليّاء» قد ضممت أول الاسم ، فلم جئت بالألف في آخره؟
__________________
(١) ديوانه (ص ٧٦٧) ، والكتاب (٢ / ١٦٨) ، ومعاني القرآن للأخفش (ص ٣٠).
(٢) الوعساء وجلاجل : موضعان. النقا : الكثيب من الرمل. والشاهد فيه (آأنت) فثقل تحقيق الهمزتين ففصل بينهما بالألف.