فالجواب : أن ضمة أول «أليّاء» ليست مجتلبة للتحقير بمنزلة ضمة كاف «كتيّب» وحاء «حسيّب» ، وإنما هي الضمة التي كانت موجودة في التكبير في قولك «أولاء» ، يدلك على صحة ذلك تركهم أول ما هو مثله في الإشارة واستحقاق البناء بحاله غير مضموم ، وذلك قولك : «ذيّا» و «تيّا» ألا ترى أن الذال والتاء مفتوحتان كما كانتا قبل التحقير في «ذا» و «تا» فكذلك ضمة همزة «أليّاء» هي ضمة الهمزة في «أولاء» ، فلما كان أول الكلمة باقيا بحاله غير مجتلبة له ضمة التحقير عوّض الألف من آخره ، فأما ضمة عين «غريّب» و «غليّم» فضمة التحقير لا الضمة التي كانت في «غراب» و «غلام».
ألا تراك تقول «كتاب» و «غزال» فتجد الأولين مفتوحا ومكسورا ، فإذا حقرت ضممت ، فقلت «كتيّب» و «غزيّل» فقد بان ذلك. وكذلك ضمة قاف «قفيل» إنما هي ضمة التحقير ، وليست بضمة القاف من «قفل». يدلك على ذلك ضمّك ما أوله مفتوح أو مكسور ، وهو «كعب» و «حلس» (١) إذا قلت «كعيب» و «حليس» فالضمتان وإن اتفقتا في اللفظ فإنهما مختلفتان في المعنى ، وغير منكر أن يتفق اللفظان من أصلين مختلفين ؛ ألا ترى أن من رخم «منصورا» في قول من قال «يا حار» قال «يا منص» فبقّى الصاد مضمومة كما بقّى الراء مكسورة ، ومن قال «يا حار» فاجتلب للنداء ضمة قال أيضا : «يا منص» ، فحذف ضمة الصاد كما حذف كسرة الراء ، واجتلب للصاد ضمة النداء كما اجتلب للراء ضمة النداء ، إلا أن لفظ «يا منص» في الوجهين واحد ، والمعنيان متباينان.
وكذلك قول سيبويه (٢) في «الفلك» إذا جمع على «فلك» فضمة الفاء من الواحد بمنزلة ضمة باء «برد» وخاء «خرج» (٣) ، وضمة الفاء من الجمع بمنزلة ضمة حاء «حمر» وصاد «صفر» جمع «أحمر» و «أصفر» ، وهذا أوسع من أن أتحجّره ، ولكني قد رسمت طريقه وأمثلته.
ومن ذلك لحاقها للندبة نحو «وا غلاماه» و «وا زيداه» و «وا أمير المؤمنيناه».
__________________
(١) حلس : كل ما ولي ظهر الدابة تحت الرحل ، والقتب ، والسرج. اللسان (٦ / ٥٤) مادة / حلس
(٢) الكتاب (٢ / ١٨١).
(٣) خرج : وعاء من شعر أو جلد ذو عدلين ، يوضع على ظهر الدابة لوضع الأمتعة فيه.