الواحد ياء في أول أحوالها ، وأنها ليست كـ «ديماس» (١) و «دياميس» ولا كـ «ديباج» و «ديابيج» فيمن نطق بالياء بعد الدال ، ويشبه أن يكون سيبويه إنما لم يذكر في الآحاد مثال «فوعال» لما لم يجده مظهرا مصححا ، فهذا جواب.
ويحتمل عندي قولهم : «شواريز» قولا آخر على غير هذا المذهب الأول وهو أن يكون «شيراز» «فيعالا» والياء فيه غير مبدلة من راء ولا واو بمنزلة «ديماس» ، وكان قياسه على هذا أن يقولوا في تكسيره «شياريز» كـ «دياميس» ، ولكنهم أبدلوا من الياء واوا لضرب من التوسع في اللغة ، وذلك أن الواو في هذا المثال المكسّر أعم تصرفا من الياء ؛ ألا ترى إلى كثرة ضوارب ، وقواتل ، وخواتم ، وطوابق ، وحواطيم ، وجواريف (٢) ، وسوابيط (٣) ، وحوانيت (٤) ، ودواليب ، وقلّة صيارف ، ويباطر ، وجيائل ـ جمع جيأل ، وهي الضّبع ـ فلما ألفت الواو في هذه الأمثلة المكسّرة ، وكانت أعم تصرفا من الياء قلبت الياء أيضا في «شياريز» واوا في «شواريز» كما قلبت الواو أيضا في نحو هذا من مكسّر الأمثلة ياء لضرب من الاتساع في الكلام ، فقالوا في جمع «ناطل» ـ وهو المكيال الصغير الذي يري فيه الخمّار شرابه ـ «نياطل» ، ولم يقولوا «نواطل» مثل «خواتم» و «دوانق». قال لبيد (٥) :
....... |
|
تكرّ عليهم بالمزاج النّياطل (٦) |
وقد يجوز أيضا على هذا أن يكون أصل واحده «شرّاز» إلا أنهم أبدلوا من الراء الأولى ياء كما ذكرنا ، ثم إنهم لما جمعوا أبدلوا الياء المبدلة من الراء واوا لقرب ما بين الياء والواو ، والقول الذي قبل هذا أشبه.
__________________
(١) الديماس : الكنّ ، والسرب المظلم ، والحمّام. اللسان (٢ / ٢٦) مادة / دمس.
(٢) جواريف : جمع جاروف ، يقال : سيل جاروف أي : يجرف ما مر به من كثرته.
(٣) سوابيط : جمع ساباط ، وهو سقيفه بين حائطتين تحتها ممر نافذ. اللسان (٧ / ٣١١) مادة / سبط
(٤) حوانيت : جمع (حانوت) وهو معروف. اللسان (٢ / ٢٦) مادة / حنت.
(٥) صدر البيت :
عتيق سلافات سبتها سفينة
وهو في رثاء النعمان. ديوانه (ص ٢٥٨). سباها : حملها من بلد إلى بلد.
(٦) تم شرحه والتعليق عليه.