أحدهما : أن «فعليّة» أكثر في الكلام من «فعّيلة».
والآخر : أن معنى السّرّ ههنا والسرور أظهر من معنى السّراة والسّرى.
وإذا كانت «سرّيّة» من «السّراة» فأصلها «سرّيوة» لأن السّراة من الواو ، لقول الفرزدق (١) :
وأصبح مبيضّ الصقيع كأنه |
|
على سروات البيت قطن مندّف (٢) |
فلما اجتمعت الياء والواو ، وسبقت الياء بالسكون قلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء ، فصارت «سرّيّة». وكذلك القول في «علّيّة» ، أصلها «علّيوة» لأنها من «علوت» والقول فيها كالقول في «سرّيّة» إذا أخذت من السّراة.
إبدال الياء من النون
من ذلك قولهم «دينار» وأصله «دنّار» ، والقول فيه كالقول في «قيراط» لقولهم في التكسير «دنانير» ولم يقولوا «ديانير». وكذلك التحقير ، وهو «دنينير».
وقالوا «إيسان» ، فأبدلوا نون «إنسان» ياء ، قال (٣) :
فيا ليتني من بعد ما طاف أهلها |
|
هلكت ، ولم أسمع بها صوت إيسان (٤) |
البيت لعامر بن جوين. إلا أنهم قد قالوا في جمعه أيضا «أياسيّ» بياء قبل الألف ، فعلى هذا يجوز أن تكون الياء غير مبدلة ، وجائز أيضا أن يكون من البدل اللازم ، نحو : عيد وأعياد وعييد ، ونحو ميثاق ومياثيق ، وميثرة ومياثر. وهذا هو الوجه عندي في «إيسان».
ومن ذلك قولهم «تظنّيت» وإنما هي «تفعّلت» من الظنّ ، وأصلها «تظننت» فقلبت النون الثالثة ياء كراهية التضعيف.
__________________
(١) انظر ديوانه (ص ٥٥٩).
(٢) سبق شرحه والتعليق عليه.
(٣) ذكره صاحب اللسان مادة (أنس) (٦ / ١٣) ونسبه إلى عامر الطائي.
(٤) والشاعر يتمنى أن يهلك قبل أن يرى ديار محبوبته خالية ليس بها صوت إنسان. والشاهد فيه : (إيسان) حيث أبدلت النون ياء.