إبدال الياء من الميم
أخبرنا أبو علي بإسناده عن يعقوب (١) عن ابن الأعرابي أنه أنشد :
نزور امرءا أمّا الإله فيتّقي |
|
وأما بفعل الصالحين فيأتمي (٢) |
قال ابن الأعرابي : أراد : يأتمّ ، فأبدل الميم الثانية ياء.
وقالوا في قول الراجز (٣) :
بل لو رأيت الناس إذ تكمّوا |
|
بغمّة لو لم تفرّج غمّوا (٤) |
قالوا : أراد : تكمّموا من كممت الشيء إذا سترته ، فأبدل الميم الأخيرة ياء مثل «تظنّيت» فصار في التقدير «تكمّيوا» ، فأسكنت الياء وحذفت ، كما تقول : قد تولّوا ، وتعلّوا من : وليت ، وعلوت. وقد يحتمل هذا عندي وجها غير القلب ، وهو أن يكون «تكمّوا» : «تفعّلوا» من كميت الشيء إذا سترته ، ومن قولهم «كميّ» لأنه هو الذي قد تستر في سلاحه ، فيكون «تكمّوا» على هذا مما لامه معتلة ، ولا يكون أصله من ذوات التضعيف.
وقال ابن الأعرابي في قول ذي الرمة (٥) :
منطّقة بالآي معميّة به |
|
دياجيرها الوسطى وتبدو صدورها (٦) |
__________________
(١) كتاب الإبدال (ص ١٣٥).
(٢) البيت لكثير عزة يمدح فيه عبد العزيز بن مروان. والبيت فيه دعوة إلى طاعة الإله وإلا فقضاء بفعل الصالحين. والشاهد فيه : (يأتمي) حيث أبدل الميم الثانية ياء فأصلها (يأتمّ).
(٣) هو العجاج ، والبيتان مطلع أرجوزة يذكر فيها قتل مسعود بن عمر العتكي من الأزد. انظر / ديوانه (ص ٤٢٢) ، واللسان (١٢ / ٤٤١) مادة / غمم.
(٤) تكموا : ستروا. الغمة : الكرب. اللسان (١٢ / ٤٤١) مادة / غمم. والمعنى أن الناس إذا ما ستروا ما يغمهم ولم تفرج عنهم وتزال سيظلوا هكذا. والشاهد فيه (تكموا) أراد : تكمموا من كممت أو من كميت فأبدلت الميم ياء. (٥) ليس في قصيدته التي على هذا الروي ومن هذا البحر ولم أقف عليه.
(٦) الديجور : الظلمة (ج) دياجير. اللسان (٤ / ٢٧٨) مادة / دجر. المعنى : أن هناك مناطق مليئة بعلامات الظلمة في أوساطها ، وبدايتها مضيئة. والشاهد فيه (معمية) حيث أبدلت المبم ياء فأصلها معممة.