فقال : لا ، بل الألف الآن مقضي عليها بأنها منقلبة عن واو ، والهمزة بعدها في حكم ما انقلب عن الياء لتكون الكلمة بعد التكملة والصيغة الإعرابية من باب «شويت» و «طويت» و «حويت».
فقلت له : ألسنا قد علمنا أن الألف في «باء» هي الألف التي في «با» «تا» «ثا» إذا تهجّيت ، وأنت تقول : إن تلك الألف غير منقلبة من ياء أو واو لأنها بمنزلة ألف «ما» و «لا»؟
فقال : لما نقلت إلى الاسمية دخلها الحكم الذي يدخل الأسماء من الانقلاب والتصرف ؛ ألا ترى أنّا إذا سمينا رجلا بـ «ضرب» أعربناه لأنه قد صار في حيز ما يدخله الإعراب ، وهو الاسم ، وإن كنا نعلم أنه قبل أن يسمّى به لا يعرب لأنه فعل ماض ، ولم تمنعنا معرفتنا بذلك من أن نقضي عليه بحكم ما صار منه وإليه ، فكذلك أيضا لا يمنعنا بأن ألف «با» «تا» «ثا» غير منقلبة ما دامت حروف هجاء من أن نقضي عليها إذا زدنا عليها ألفا أخرى ، ثم همزنا تلك المزيدة بأنها الآن منقلبة عن واو ، وأن الهمزة منقلبة عن ياء إذ صارت إلى حكم الأسماء التي يقضى عليها بهذا ونحوه.
وهذا صحيح منه حسن ، ويؤكده عندك أنه لا يجوز وزن «با» «تا» «ثا» «حا» «خا» ونحوها ما دامت مقصورة متهجّاة ، فإذا قلت : هذه باء حسنة ، ونظرت إلى هاء مشقوقة ، جاز أن تمثّل ذلك ، فتقول : وزنه «فعل» كما تقول في «داء» و «ماء» و «شاء» إنه «فعل».
فقال لأبي علي بعض حاضري المجلس : أفيجمع على الكلمة إعلال العين واللام؟
فقال : قد جاء من ذلك أحرف صالحة ، فيكون هذا منها ومحمولا عليها.
والذي زاد على أبي علي هذه الزيادة فتى كان يقرأ عليه يعرف بالبورانيّ ، وكان هذا الفتى ـ رحمه الله ـ دقيق الفكر ، حسن التصوّر ، بحّاثا ، مفتّشا ، ولا أظلمه حقه ، فقلّما رأيت ابن سنه في لطف نظره ، عفا الله عنا وعنه.
وأنا أذكر الأحرف التي اعتلت فيها العين واللام.