اللتين أصلهما «قوم» و «سير» لما قلبتا في «أقوم» و «أسير» ؛ لأنهما في «أقوم» و «أسير» ساكن ما قبلهما ، وإذا سكن ما قبل الواو والياء صحتا ، وجرتا مجرى الصحيح ، ولكن لما أعلتا في «قام» و «سار» لتحركهما وانفتاح ما قبلهما حملتا في «أقام» و «أسار» على اعتلال الثلاثي في «قام» و «سار» ؛ أفلا تراهم كيف راعوا في الرباعي وما فوقه حكم الثلاثي ، ولو لا جريانه عليه واتباعه في الإعلال له لوجب تصحيحه وخروجه سالما على أصله.
فكذلك أيضا أميلت «حاء» و «خاء» لإمالة «حا» «خا». فقد صح بما ذكرناه أنه لا اعتداد بإمالة هذه الألفات مقصورة كانت أو ممدودة ؛ إذ كان ذلك لا يدل على أنهن منقلبات عن الياء إذ قد أميلت وهي مقصورة ، وإذا كانت مقصورة جرث مجرى «لا» و «ما» ونحو ذلك مما ألفه غير منقلبة البتة.
فإذا لم يكن في إمالتها دلالة على كونها منقلبة ، كما لم يدل ذلك في ألف «بلى» و «لا» و «يا» في النداء ، ثبت أن الأمر فيها على ما ذهب إليه أبو علي من أن العين سبيلها أن تكون واوا ، وتكون اللام ياء لتكون الكلمة من باب «طويت» و «شويت» و «ضويت» لأنه أكثر من باب «حييت» و «عييت» ومن باب «قويت» و «حويت» من القوّة والحوّة. فلو لم يكن في هذا إلا الجنوح إلى الكثرة والرجوع إليها عن القلة لكان سببا قويا ، وعذرا قاطعا ، فكيف به وقد دللنا على قوته بما قدمناه.
ولو جمعت هذه الحروف بعد النقل على نحو «باب أبواب» و «ناب وأنياب» لأظهرت العين صحيحة لسكون ما قبلها ، فقلت على مذهب أبي علي في باء : أبواء ، وفي تاء : أتواء ، وفي ثاء : أثواء ، وفي حاء : أحواء ، وفي خاء : أخواء ، وفي راء : أرواء ، وفي طاء : أطواء ، وفي ظاء : أظواء ، وفي فاء : أفواء ، وفي هاء : أهواء ، وفي ياء : أيّاء ، وأصلها أيواء ، ففعل بها ما فعل بأيوام جمع يوم.
وعلى قول العامة سوى أبي علي : أبياء ، وأتياء ، وأثياء ، وأحياء ، وأخياء ، وأرياء ، وأطياء ، وأظياء ، وأفياء ، وأهياء ، وأيّاء أيضا. ومن ذهب إلى التأنيث فجمعها على أفعل نحو : نار ، وأنؤر ، ودار وأدؤر ، وساق وأسؤق ، قال على مذهب أبي علي : باء وأبو ، وتاء وأتو ، وثاء وأثو ، وحاء وأحو ، وخاء وأخو ،