فأجراه مجرى : جدي وأجد ، وظبي وأظب ، وفي اليا : ياء وأيّ ، وأصلها «أيوي» فقلبت الواو لوقوع الياء ساكنة قبلها ، فاجتمعت ثلاث ياءات ، فحذفت الأخيرة منهم تخفيفا كما حذفت من تصغير «أحوى» : «أحيّ» فصار «أيّ».
وعلى قول الجماعة غيره : أبي ، وأتي ، وأحي ، وأخي ، وفي الياء : أيّ بالحذف كما تقدم ، فاعرف ذلك ، فهذه أحكام الحروف التي على حرفين.
وأما ما كان على ثلاثة أحرف فعلى ضربين :
أحدهما : ما ثانيه ياء ، والآخر : ما ثانيه ألف.
الأول : جيم ، سين شين عين غين ميم ، فسبيل هذه أن تجري بعد النقل والإعراب مجرى «ديك» و «فيل» و «بيت» و «قيد» مما عينه ياء. ومن قال في «ديك» و «فيل» إنه يجوز أن يكون «فعلا» و «فعلا» جميعا ، وهو الخليل (١) ، احتمل عنده جيم ، سين ، شين ، ميم ، أن تكون أيضا «فعلا» و «فعلا» جميعا ، فأما عين غين ففعل لا غير.
فإن قلت : فهل تجيز أن يكون أصلهما «فيعلا» كميّت وهيّن وليّن ، ثم حذفت عين الفعل منهما؟
فإنّ ذلك هنا لا يجوز ولا يحسن من قبل أن هذه حروف جوامد بعيدة عن الحذف والتصرف.
فإن بنيت منها «فعّلت» قلت : جيّمت جيما ، وسيّنت سينا ، وشيّنت شينا ، وعيّنت عينا ، وغيّنت غينا ، وميّمت ميما. وتقول في الجمع : أجيام ، وأسيان ، وأشيان ، وأعيان ، وأغيان ، وأميام ، بلا خلاف لظهور العين ياء فيهن. ولو جاءت على «أفعل» لقلت : أجيم ، وأسين ، وأشين ، وأعين ، وأغين ، وأميم.
وأما ما ثانيه ألف : فدال ، وذال ، وصاد ، وضاد ، وقاف ، وكاف ، ولام ، وواو. فهذه الحروف ما دامت حروف هجاء لم تمثل ، ولم يقض فيها بقلب ولا غيره مما لا يوجد في الحروف ، فإن نقلتها إلى الاسمية لزمك أن تقضي بأن الألف فيهن
__________________
(١) هذا قول سيبويه. انظر / الكتاب (٢ / ١٨٧ ـ ١٨٩).