منقلبة عن واو ، وذلك مما وصّى به سيبويه لأنه هو الأكثر في اللغة ؛ ألا ترى إلى كثرة : باب ، ودار ، ونار ، وجار ، وغار ، وساق ، وطاق ، وهامة ، وقامة ، ولابة (١) ، وعادة ، ورادة (٢) ، وسادة ، وذادة (٣) ، وشارة (٤) ، وزارة (٥) ، وقلة ناب ، وعاب ، وغاب ، وعار ، ورار (٦). فعلى الأكثر ينبغي أن يحمل ، فإذا كان ذلك كذلك فلو بنيت منه «فعّلت» لقلت : دوّلت دالا ، وذوّلت ذالا ، وصوّدت صادا ، وضوّدت ضادا ، وقوّفت قافا ، وكوّفت كافا ، ولوّمت لاما.
فأما «الواو» فقد ذكرنا ما في ألفها من الخلاف ، فمن ذهب إلى أن ألفها منقلبة عن ياء وجب عليه أن يقول في «فعّلت» منها : «ويّيت واوا» وأصلها «ويّوت» إلا أن الواو لما وقعت رابعة قلبت ياء كما قلبت في : غدّيت ، وعشّيت ، وقضّيت ، ودنّيت ، فصارت : ويّيت.
ومن ذهب إلى أن ألفها منقلبة من واو لزمه أن يقول : أوّيت ، وأصلها : ووّوت ، فلما التقت في أول الكلمة واوان همزت الأولى منهما كما همزت الواو الأولى من «الأولى» وأصلها «وولى» لأنها «فعلى» من «أوّل» ، و «أوّل» فاؤه وعينه واوان لأنه «أفعل».
وقد ذكرت في كتابي (٧) في تفسير تصريف أبي عثمان خلاف الناس في «أوّل» وكما همزوا تصغير «واصل» وجمعه في قولهم : «أويصل» و «أواصل» ، وأصله «وويصل» و «وواصل» ، فهمزت الواو الأولى لاجتماع الواوين في أول الكلمة.
ومثله قول الشاعر (٨) :
__________________
(١) لابة : الحرّة من الأرض. اللسان (١ / ٧٤٥) مادة / لوب.
(٢) الرادة : من النساء : التي تزود وتطوف ، وريح رادة : إذا كانت هو جاء تجيء وتذهب.
(٣) ذادة : جمع ذائد ، وهو الرجل الحامي الحقيقة.
(٤) شارة : الحسن والهيئة واللباس.
(٥) الزارة : الجماعة الضخمة من الناس والإبل والغنم. اللسان (٤ / ٣٣٨) مادة / زور.
(٦) رار : مخ رار ، أي : ذائب فاسد من الهزال ، وشدة الجدب. اللسان (٤ / ٣١٤).
(٧) المنصف (٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٤).
(٨) هو مهلهل بن ربيعة أخو كليب وائل ، اسمه عدي ، أو امرؤ القيس. المقتضب (٤ / ٢١٤). والبيت ذكره صاحب اللسان مادة (وقى) دون أن ينسبه ، وكذا العيني (٣ / ٥٢٤).