قال أبو زبيد (١) :
إنّ امرءا خصّني عمدا مودّته |
|
على التنائي لعندي غير مكفور (٢) |
أي : لغير مكفور عندي ، وربما كررت اللام في الخبر إذا تقدمت فضلته عليه ، فقالوا : إنّ زيدا لبك لمأخوذ ، وإنّ محمدا لفيك لراغب.
وحكى قطرب عن يونس : إن زيدا لبك لواثق.
فإن تأخرت الفضلة دخلت اللام في الخبر الذي قبلها ، ولم تدخل فيها ، وذلك قولك : إنّ زيدا لقائم عندك ، ولا يجوز : إنّ زيدا قائم لعندك. والفرق بين : إنّ زيدا لعندك قائم ، و : إنّ زيدا قائم لعندك في جواز المسألة الأولى وفساد الثانية ، أنك إذا قدمت الفضلة على الخبر ، وأدخلت اللام عليها فإنما قصدك بها الخبر دون فضلته ، وجاز دخول اللام على الفضلة التي قبل الخبر لأن موضع الخبر أن يكون قبل فضلته عقيب الاسم ، فلما تقدمت الفضلة ، فوقعت موقع الخبر دخلتها اللام كما تدخل الخبر ، فأما إذا تأخرت الفضلة وتقدم الخبر فقد وقع الخبر موقعه ، فدخلت اللام عليه لأنه أحق بها.
فإن قيل : ولم دخلت اللام على خبر إنّ المكسورة دون سائر أخواتها؟
فالجواب : أنها إنما اختصت بخبر المكسورة من قبل أن كل واحدة من اللام ومن «إنّ» يجاب بها القسم ، وذلك قولك : والله إنّ زيدا قائم ، والله لزيد قائم ، فلما اشتركتا في هذا الوجه ، وكانت كل واحدة منهما حرف توكيد أدخلت اللام على خبر إنّ للمبالغة في التوكيد ، وفرّق بينهما لما ذكرنا من كراهيتهم اجتماع حرفين لمعنى واحد ، ولما لم يكن في أخوات إنّ شيء يجاب به القسم كما يجاب بها لم تدخل اللام خبره كما دخلت خبرها.
__________________
(١) البيت نسبه إليه صاحب الكتاب (١ / ٢٨١).
(٢) خصني : أي أعطاني شيئا كثيرا. عمدا : أي قصدا. مودته : محبته. التنائي : نأى : أي بعد والتنائي البعد. الأسلوب إنشائي في صورة توكيد. والشاهد فيه قوله (لعندي) حيث دخلت اللام على الفضلة المتعلقة بخبر إن.