باب لحاق اللام الأفعال
وتلحقها على ضربين : عاملة ، وغير عاملة.
فالعاملة : لام الأمر ، وهي مكسورة جازمة ، وذلك قولك : ليقم زيد ، وليقعد عمرو. وزعم الفراء أن من العرب من يفتح هذه اللام لفتحة الياء بعدها ، وهذا كلام يستفاد منه أنه إن انكسر حرف المضارعة أو انضم أن لا تكون هذه اللام مفتوحة ، نحو : ليكرم زيد عمرا ، و : لتعلم ذلك.
ومتى اتصل بهذه اللام من قبلها واو العطف أو فاؤه فإسكانها للتخفيف جائز ، وذلك قولك : وليقم زيد ، فيلقعد جعفر. وإنما جاز إسكانها لأن الواو والفاء كل واحد منهما حرف منفرد ضعيف لا يمكن الوقوف عليه دون اللام ، فأشبهت اللام لاتصالها بما قبلها واحتياجه إليها الخاء من فخذ ، واللام من علم ، فكما تقول : فخذ ، وعلم الله ذاك. كذلك جاز أن تقول : فليقم ، وليقعد ، وقد فعلوا هذا أيضا في غير هذا الموضع ، فقالوا : أراك منتفخا ، فأسكنوا الفاء لأن تفخا من منتفخ ضارع بالوزن فخذا وكبدا.
فأما قراءة الكسائي وغيره (١) (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) (الحج : ٢٩) (٢) و (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) (الحج : ١٥) (٣) فمردودة عند أصحابنا ، وذلك أن «ثمّ» حرف على ثلاثة أحرف يمكن الوقوف عليه ، وإذا أمكن الوقوف لزمك الابتداء بالساكن ، وهذا غير جائز بإجماع ، فمن هنا دفعه أصحابنا واستنكروه ، فلم يجيزوه.
وسألت أبا علي يوما عن هذا ، فقلت له : هلا جازت قراءة الكسائي هذه على تشبيه ثمّ بالواو والفاء إذ كانت حرف عطف كما كانا حرفي عطف ، فهلا جاز حمل ثمّ على الواو والفاء كما حملوا بعض حروف المضارعة على بعض في نحو قولك : أعد ،
__________________
(١) وغيره : هذه القراءة قراءة نافع وعاصم وغيره. السبعة (ص ٤٣٥)
(٢) (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ :) أي ليقضوا ما عليهم من مناسك حجهم من حلق وطواف ورمي جمرة وموقف غيرها. مختصر تفسير الطبري (ص ٢٩٣).
(٣) (ثُمَّ لْيَقْطَعْ :) أي ثم ليختنق. مختصر تفسير الطبري (ص ٢٩١).