.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الأخبار بما سيأتي ، فينبغي ملاحظتها والنّظر أوّلا في وفائها بإثبات التخيير بين الخبرين المتعارضين ، وثانيا في النسبة بينها وبين سائر الطوائف من أخبار العلاج ، فلنقدم الكلام في الجهة الأولى بالنظر في كل منها سندا ودلالة ، بعد الإغماض عمّا في رسائل شيخنا الأعظم «قده» من دعوى استفاضة أخبار التخيير بل تواترها ، كالإغماض عمّا عن الضوابط من ضعفها جميعا إلّا واحدا منها. فان دعوى الاستفاضة وإن كانت في محلها ، لكن دعوى التواتر لا تخلو من مبالغة ، كالمبالغة في القول بضعف ما عدا واحد منها سندا ، لما سيظهر من اعتبار أكثر من واحد منها ، فنقول وبه نستعين :
الرواية الأولى : خبر الحسن بن الجهم المروي عن الاحتجاج ، وهي ضعيفة بالإرسال ، وحيث إن المدار في حجية الخبر هو الوثوق الشخصي بالصدور ، فلا وجه للاعتماد عليها. وشهادة الشيخ الطبرسي في مقدمة الاحتجاج ـ من كون روايات كتابه مسندة في الأصل ، وهي مشهورة أو مجمع عليها ، وإنما أسقط أسنادها اختصارا ـ غير وافية بإثبات اعتبارها بالنسبة إلينا بعد اختلاف المباني في العدالة وغيرها مما يبتني عليه حجية خبر الواحد. نعم لا بأس بهذه الشهادة إذا أحرز مبني صاحب الاحتجاج في قبول الرواية وردِّها مع فرض حصول الوثوق بصدور تلك الأخبار من مجرد شهادته. وعليه فالبحث عن دلالة خبر الحسن بن الجهم يكون بتبع استدلال الماتن به ، وهو ينفع لتأييد القول بالتخيير الّذي تدل سائر الروايات عليه.
وأما الدلالة فقد عرفت ظهور قوله عليهالسلام : «فإذا لم يعلم فموسّع عليك» في التخيير بين الخبرين اللذين تمّ المقتضي للحجية في كل منهما ، لكون راوييهما ثقتين ، وكان السؤال عن علاج المانع وهو التعارض.
وأورد المحقق الأصفهانيّ «قده» على الاستدلال بها بما محصله : أنها لا تدل على مدعى المصنف وهو إثبات التخيير بين الخبرين سواء أكانا متكافئين أم متفاضلين ، وإنما تدل على التخيير بعد فقد المرجح ، وذلك لأنّ صدرها مقيّد بالعرض على الكتاب والسنة ، وقد روى شخص هذا الراوي عن موسى بن جعفر عليهماالسلام أيضا العرض على الكتاب والسنة في الحديثين المختلفين (١) ، كما روى عنه عليهالسلام الأخذ بما يخالف العامة (٢). والغرض أن التخيير ليس على الإطلاق ، بل بعد الترجيح ولو في الجملة ، فقوله : «ولا نعلم أيهما الحق» إما لموافقتهما معا للكتاب أو عدم موافقتهما معا للكتاب.
نعم بناء على ما سيجيء من المصنف «قده» ـ من أن العرض على الكتاب ليس من المرجحات
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، الباب ٩ ، الحديث : ٤٨ ، ص ٨٩
(٢) المصدر ، الحديث : ٣١ ، ص ٨٥