.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وأورد على الاستدلال بهذه المكاتبة بخروج موردها عن التعارض ، للجمع العرفي بينهما بحمل الخبر العام ـ المثبت للتكبير في جميع الانتقالات ـ على الخبر الخاصّ النافي للتكبير في خصوص حال النهوض ، والقاعدة تقتضي الجمع بين الخبرين بالتخصيص ، لا الحكم بالتخيير ، فالحكم بالتخيير وعدم تخصيص العموم إنما هو لكون التكبير ذكرا في نفسه (١).
لكنه لا يخلو من خفاء ، فإنّ جهة سؤال الحميري هي اختلاف الخبرين في استحباب التكبير بالسلب والإيجاب. ولو كان مقصوده عليهالسلام من جعل التخيير ـ وعدم إرشاد السائل إلى الجمع بين الخبرين بالتقييد ـ كون التكبير ذكرا في نفسه كان المناسب بيان ما يدل عليه ، لا الحكم بالتوسعة في الأخذ ، فإنّ قوله عليهالسلام : «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» ظاهر في الحجية التي هي مسألة أصولية ، ونتيجة حجية أحدهما تخييرا جواز الإفتاء باستحباب التكبير في جميع الانتقالات بما أنه حكم الله ، اعتمادا على رواية «فعليه التكبير» لا الإتيان به من جهة مطلوبية مطلق الذِّكر.
وعليه فالظاهر تمامية دلالة المكاتبة على التخيير. وإطلاقها ـ الناشئ من ترك الاستفصال ـ يعم المتفاضلين كالمتكافئين ، والتعليل المستفاد من قوله : «من باب التسليم» يقتضي تعميم الحكم لجميع موارد التعارض.
الرواية الخامسة : معتبرة سماعة المتقدمة في التوضيح ، رواها ثقة الإسلام عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى والحسن بن محبوب جميعا عن سماعة. وهذا السند موثق أو صحيح. والتعبير عنه بالحسن أو الموثق ـ كما في كلام العلامة المجلسي (٢) ـ لا بدّ أن يكون من جهة إبراهيم بن هاشم ، مع أنّ المحكي عن الوجيزة توثيقه.
وأما الدلالة فقد تقدمت في التوضيح إجمالا ، وأنّ سؤال سماعة : «كيف يصنع؟» يكون عن حكم واقعة ورد فيها حديثان مختلفان ، وكلا الراويين من أهل دينه ، وأجاب عليهالسلام بإرجاء الواقعة إلى ملاقاة الإمام عليهالسلام حتى يسأله عن حكمها ، وبالتوسعة في الفترة الفاصلة بين الواقعة وبين الملاقاة ، والمقصود بهذه الرخصة التخيير في العمل بكل منهما شاء.
وأورد على الاستدلال بها تارة : بأن موردها دوران الأمر بين المحذورين «حيث إن أحد الخبرين يأمر والآخر ينهى ، والعقل يحكم فيه بالتخيير بين الفعل والترك ، وقول الإمام عليهالسلام : فهو في سعة لا يدل على أزيد منه» (٣).
وأخرى : بأنّها ـ مضافا إلى اختصاصها بالتمكن من لقاء الإمام عليهالسلام ـ تكون من أدلة التوقف لا من أدلة التخيير ، لقوله عليهالسلام : يرجئه (٤).
__________________
(١) مصباح الأصول ، ٣ ـ ٤٢٥ و ٤٢٤
(٢) مرآة العقول ، ١ ـ ٢١٨
(٣) مصباح الأصول ، ٣ ـ ٤٢٥ و ٤٢٤. (٤) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٦٣