.................................................................................................
______________________________________________________
وتمانعهما باعتبار مدلولهما ...».
ثالثها : ما أفاده الماتن. ولا ريب في مغايرة تعريف المصنف لما أفاده المشهور ، وفي مغايرته لتعريف شيخنا الأعظم تأمل سيأتي بيانه.
وتحقيق ما أجمله المصنف هنا ، ووجه عدوله عن تعريف المشهور منوط بالبحث في مقامين ، الأول : في توضيح الألفاظ الواردة في التعريف. الثاني : في الفرق بين تعريف المشهور وتعريف الماتن ، ووجه عدوله عنه.
أما المقام الأول : فنقول فيه : ان الكلمات المحتاجة إلى البيان هي التنافي والدلالة والتناقض والتضاد.
أما التنافي فهو كالتعارض على وزن «التفاعل» من النفي ، والنفي في اللغة هو الطرد والدفع (١) ، وهذا المعنى هو المقصود في باب التعارض ، لأنّ كل واحد من المدلولين ينفي الآخر ولو بالدلالة الالتزامية الشرعية كما سيظهر ، أو لأنّ كل واحد من الدليلين يطرد الآخر ويزاحمه في حجيته الفعلية. لكن التعارض أخص من التنافي ، لأنّ التنافي ـ وهو عدم الاجتماع في الوجود ـ بالذات يتحقق في المدلولين المتمانعين كالوجوب والحرمة ، أو الوجوب وعدمه ، ولا يصدق التعارض على هذا التمانع ، فلا يوصف الوجوب والحرمة بأنهما متعارضان وإن وصفا بأنهما متنافيان ، بل يوصف ما دلّ على الوجوب وما دلّ على الحرمة بالمعارضة ، فيقال : تعارض الخبران ، ولا يقال : تعارض الحكمان ، فالتعارض من أوصاف الدال ـ بما هو دال ـ بالذات لا بالعرض.
وأما كلمة «الدلالة» ففيها جهتان :
الأولى : أنها تطلق على معنيين : أحدهما : الحكاية ، والكشف ، وهذا في قبال الكلام المجمل ، فالدلالة متقومة بالظهور.
والآخر : الحجية ، أي ظاهر الكلام المتصف بالحجية. وبعبارة أخرى : يراد بالدلالة ظاهر خصوص الدليل دون غيره مما لا يكون دليلا ، ومعنى التنافي في الدلالة هو تمانع الدليلين المتعارضين في الاندراج تحت دليل الاعتبار ، فإذا دلّ أحد الخبرين على وجوب
__________________
(١) مجمع البحرين ، ١ ـ ٤١٨