.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
سيدنا الأستاذ لم يتعرض لحكم تعارض المقيدات ، واقتصر على الإعراض عن مطلقات التخيير وعدم العمل بها في عصر الحضور.
أقول : أمّا الوجه الأوّل ـ أعني النسبة بين مطلقات التخيير والتوقف ـ فالظاهر أن التعارض بينهما تبايني كما أفاده سيدنا الأستاذ «قده». لكن يمكن تقريب العموم من وجه المذكور في التقريرات أيضا ، بأن يقال : إنّ مفاد أخبار التخيير هو الحكم الأصولي أعني حجية أحد الخبرين تخييرا ، لا التخيير في المسألة الفرعية ، والتخيير في الحجية معقول في جميع موارد التعارض سواء أكان الحكم إلزاميا أم ترخيصيا ، ولا مانع من حجية أحدهما في دوران الأمر بين المحذورين ، بأن دلّ أحدهما على وجوب فعل والآخر على حرمته. وأخبار الوقوف تعمّ الفتوى والعمل ، فإنّ الوقوف هو السكون وعدم المضي ، وإطلاقه شامل للفتوى والعمل ، ولكنه لا يجري في الدوران بين الوجوب والحرمة ، لأنه مورد اللابدية العقلية ، ويتعذر فيه الاحتياط.
وعليه فأخبار الوقوف أعم من أخبار التخيير ، لشمولها للحكم الأصولي والفرعي ، وأخص منها ، لاختصاصها بغير مورد الدوران بين المحذورين. وأخبار التخيير أخص من أخبار الوقوف ، لدلالتها على الحكم الأصولي ، وأعم منها لشمولها لموارد الدوران ، ومادة الاجتماع هي تعارض الخبرين في غير الوجوب والحرمة ، فمقتضى أخبار التخيير حجية أحد الخبرين ، ومقتضى أخبار الوقوف التوقف عن الفتوى والعمل بالاحتياط.
وهذا التوجيه وإن كان صحيحا خصوصا بملاحظة موثقة سماعة الدالة على حجية أحد الخبرين تخييرا مع كون أحدهما أمرا والآخر نهيا.
لكن يبعِّده ما أفاده المحقق النائيني في مسألة أصالة التخيير من قوله : «وما ورد من التخيير في باب تعارض الأمارات إن كان المراد منه التخيير في المسألة الأصولية وهو التخيير في أخذ أحد المتعارضين حجة وطريقا إلى الواقع في مقام الاستنباط فهو أجنبي عمّا نحن فيه. وإن كان المراد منه التخيير في المسألة الفقهية أي التخيير في العمل فيكون من التخيير العقلي التكويني ، لا تعبدي شرعي ...» (١).
وعليه فحيث إن التخيير في المقام هو الأخذ بأحدهما بما أنه حجة شرعا ، فلا يكاد يجري في مسألة الدوران ، فإنّ الأثر المترقب من الحجية وهو الحركة على طبقها حاصل قهرا ، لعدم خلوّ المكلف تكوينا من الفعل والترك. وعليه فكون النسبة بين المطلقات هي التباين أولى من العموم من وجه.
__________________
(١) فوائد الأصول ، ٣ ـ ١٦٤