.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وأما الوجه الثاني : فالظاهر عدم تأثيره في انقلاب النسبة بين مطلقات التخيير والتوقف ، إذ الغرض المهم للميرزا «قده» إثبات عدم العمل بأخبار التخيير في زمن الحضور ، وهذا لا يختلف الحال فيه بين سقوط أخبار التخيير في حال الحضور بمعارضتها بمقيدات أخبار الوقوف ، ثم دعوى إعراض الأصحاب عن العمل بأخبار التخيير في عصر الحضور ، وبين إسقاط مقيدات أخبار التخيير بالإعراض ، ثم تخصيص أخبار التخيير المطلقة بأخبار التوقف في زمان الحضور كي يتجه انقلاب النسبة بين مطلقات التخيير بعد التخصيص وبين مطلقات الوقوف.
وكيف كان فلا يخلو الجمع الّذي أفاده المحقق النائيني «قده» من تأمل.
أما أوّلا : فلأنّ خبر الحارث بن المغيرة الّذي جعله الميرزا «قده» دالّا على التخيير في زمان التمكن من الوصول إليهم عليهمالسلام يكون أدلّ على جعل التخيير مطلقا ، كما استظهره المحقق العراقي من دلالته على جعل التخيير في زمان التمكن (١) ، فإنّ التحديد في قوله عليهالسلام : «حتى ترى القائم» كناية عن مرور الأزمنة السابقة على زمان التمكن من الوصول إلى الحجة عليهالسلام ، وهذا المضمون لو لم يختص بزمان الغيبة فلا أقل من شموله له ، لوضوح الفرق بين تحديد الحكم بمثل قوله عليهالسلام : «حتى ترى إمامك» وبين تحديده برؤيته عليهالسلام ، لظهور الأوّل في اختصاص الحكم بزمان الحضور والتمكن من لقاء الإمام عليهالسلام ، وهذا بخلاف التحديد برؤية الحجة عليهالسلام ، الظاهر في جعل الوظيفة في حال الغيبة ، ولا أقل من إطلاقه لزماني الحضور والغيبة ، إذ لا خصوصية لزمان الحضور ، وإنّما المدار على التمكن من الوصول إلى الإمام عليهالسلام وعدم التمكن منه.
وأما ما دل على التوقف مطلقا فإما أن يراد به الإطلاقات الآمرة بالوقوف عند كل شبهة سواء أكان منشؤها تعارض الروايات أم غيرها ، وإمّا مكاتبة محمد بن علي بن عيسى. فإن أريد بها الإطلاقات فالجواب : أنها كما تقدم في بحث البراءة قاصرة عن إفادة الحكم المولوي ، لكونها إرشادا إلى موارد تنجيز التكليف بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال ، ومن المعلوم أنها لا تصلح للمعارضة مع ما دلّ على التخيير.
ولو سلِّم دلالتها على الحكم المولوي كانت مخصّصة بأخبار التخيير أو محكومة بها. أمّا التخصيص فلأنه جمع عرفي بين ما دلّ على لزوم التوقف عند كل شبهة مهما كان منشؤها ، وبين ما دلّ على التخيير في الشبهة الناشئة من تعارض الخبرين.
وأمّا الحكومة فلأنّ التوقف منوط بتحقق موضوعه أعني الشبهة «وعدم وجود الدليل ، الزائل
__________________
(١) نهاية الأفكار ٤ ـ ٤٢٨