المقبولة والمرفوعة ، مع اختلافهما (١) ،
______________________________________________________
هو المقبولة ، لرواية المحمدين الثلاثة لها في جوامعهم الروائيّة ، والمرفوعة شاذة لم يروها إلّا ابن أبي جمهور في العوالي عن العلامة مرفوعا إلى زرارة. ويتعين العمل بالمقبولة حينئذ من جهة الأمر الوارد في المرفوعة بالأخذ بالمشهور من الخبرين ، وترك الخبر غير المشهور ، والمقبولة مصداق الخبر المشهور ، والمرفوعة مصداق الخبر غير المشهور.
وعليه فلا موجب لتساقط المقبولة والمرفوعة بالتعارض كما هو ظاهر المتن ، بل اللازم الأخذ بالمقبولة فقط.
قلت : الحق أن تعارضهما يقتضي سقوطهما معا لا تقديم المقبولة ، وذلك لوجهين : الأوّل : أن الاستناد إلى المرفوعة ـ في تقديم المقبولة عليها ـ أخذ بها ، ومن المعلوم أن الاعتماد على المرفوعة بهذا المقدار يتوقف على حجية المرفوعة في نفسها وتمامية المقتضي للعمل بها حتى يكون تقديم المقبولة مستندا إلى حجة شرعية وهي المرفوعة. وحيث إنّ المرفوعة معارضة للمقبولة ـ حسب الفرض ـ فهي وإن كانت حجة ذاتا وشأنا ، لكن المناط في العمل بالخبر حجيته الفعلية ، إمّا بعدم المعارض ، وإمّا بدلالة أخبار العلاج على حجية أحد الخبرين فعلا تعيينا أو تخييرا ، والمفروض عدم دلالة أخبار العلاج بعد على حجية المرفوعة حتى يستند إليها في تقديم المقبولة ، إذ المفروض تعارض نفس الأخبار العلاجية.
الثاني : أن الأخذ بما في المرفوعة ـ من تقديم الخبر المشهور على غيره حتى يؤخذ بالمقبولة ـ محال ، لأنّ معنى العمل بالمرفوعة الآمرة بالأخذ بـ «ما اشتهر بين أصحابك» هو طرحها ، وعدم العمل بها رأسا ، ومن المعلوم أن حجية الخبر المستلزمة لطرحه غير معقولة ، إذ ما يلزم من وجوده عدمه محال.
وعليه فالحق ما أفاده المصنف من اقتضاء تعارض المقبولة والمرفوعة في وجوه الترجيح ـ كمّا وكيفا ـ سقوطهما معا ، وما أفاده شيخنا الأعظم لا يخلو من خفاء.
هذا توضيح أوّل إشكالات الماتن على وجوب الترجيح ، وسيأتي بيان سائر الوجوه عند تعرض المصنف لها.
(١) أي : اختلاف المقبولة والمرفوعة في ترتيب المرجحات كما عرفت ، وهذا إشارة