وجوب الترجيح في مقام الفتوى لا يخلو (١) عن إشكال ،
______________________________________________________
(١) خبر «والاحتجاج» ودفع للاستدلال بالمقبولة والمرفوعة ، وهذا إشارة إلى الوجه الثالث الّذي جعله مشتركا بين الروايتين ، توضيحه : أن الاستدلال بهاتين الروايتين على وجوب الترجيح في مقام الفتوى مشكل ، لاحتمال اختصاص الترجيح بتلك المزايا بمورد المقبولة وهو باب الخصومة والحكومة ، والتعدي عن موردها إلى مقام الفتوى منوط إمّا بالإلقاء خصوصية المورد ، وإمّا بتنقيح المناط وهو كون كل من الفتوى والحكم مجعولا شرعيا ، فالمرجِّح لأحدهما مرجِّح للآخر.
إلّا أن كليهما ممنوع. أمّا إلغاء خصوصية المورد فلتوقفه على إطلاق الأمر بالأخذ بذي المزية ، وعدم العبرة بخصوصية المورد وهي الخصومة ، ومن المعلوم توقف هذا الإطلاق العقلي على عدم القدر المتيقن في مقام التخاطب ، والمفروض وجوده وهو مورد المقبولة أعني الخصومة.
وأما تنقيح المناط فلعدم حصول العلم به مع الالتفات إلى قضية أبان في دية قطع أصابع المرأة ، وإلى عدم إحاطتنا بملاكات التشريع ، والظن به لا يغني من الحق شيئا.
فإن قلت : إنّ الحكم في القضايا الجزئية ، والفتوى في الأحكام الكلية كانا في عصر الحضور ـ غالبا ـ بنقل الرواية ، ولازمه اتحاد باب القضاء والإفتاء والرواية حكما ، فإذا رجّح الشارع حكم أعدل الحاكمين وأفقههما كان لازمه ترجيح رواية أعدل الراويين ، من جهة عدم مغايرة الحكم للرواية في الصدر الأول ، فمرجحات باب الحكومة هي مرجِّحات باب الرواية أيضا.
قلت : فصل الخصومة في الصدر الأوّل وإن كان بنقل الرواية عن المعصوم عليهالسلام لا بالاستناد إلى الرواية ـ كما قيل ـ إلّا أن هذا لا يقتضي وحدة البابين حكما ، لوضوح أن حيثية الحكومة وفصل الخصومة غير حيثية الرواية ونقل ألفاظ الإمام عليهالسلام إلى الغير ، فإن منصب الحكومة منوط بالجعل ، بخلاف الرواية ، فإنه يكفي فيها أمانة الراوي في
__________________
«والاحتجاج» بالمقبولة ، لا اشتراكه بينها وبين المرفوعة كما هو ظاهر المتن الّذي تقتضيه تثنية الضمير.