وإن أبيت عن ذلك (١) فلا محيص عن حملها توفيقا بينها وبين الإطلاقات ، إمّا على ذلك (٢) ،
______________________________________________________
كما عرفت.
ويمكن أن يكون إشارة إلى : ما أفاده الماتن في آخر فصول هذا المقصد من كون موافقة الكتاب من مرجحات الحجة على الحجة ، لا من مميِّزات الحجة عن اللاحجة ـ كما بيَّنّا ـ بتقريب : أن موافقة الكتاب ومخالفته المذكورتين في الأخبار العلاجية كالمقبولة لا يراد بهما ما يراد بهما في الأخبار المتضمنة لكون مخالفة الكتاب زخرفا وباطلا ونحوهما ، إذ المراد بالمخالف فيها هو المخالفة التباينية ، لأنّها هي المساوقة للبطلان ، دون المخالفة بالعموم والخصوص المطلق ، لوضوح جواز تخصيص العام الكتابي وكذا تقييد مطلقه بالخبر الواحد ، فإذا كان هناك خبران متعارضان يكون أحدهما موافقا لعام الكتاب والآخر خاصا مخالفا له أمكن ترجيح الخبر الموافق لعامّه على المخالف له مخالفة بالخصوص المطلق.
(١) يعني : وإن أبيت عن تسليم ظهور أخبار الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة في تمييز الحجة عن اللاحجة والتزمت بكونها ظاهرة في ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى ، فلا تصلح مع ذلك لتقييد إطلاقات التخيير ، لتوقف تقييدها على أظهرية مقيِّدها. وقد تقدّم فيما يتعلق بالمقبولة والمرفوعة أظهرية إطلاقات التخيير ، وعدم صلاحيتهما لتقييدها.
وحيث تعذّر الجمع الموضوعي ـ المقدّم رتبة على الجمع الحكمي ـ فلا بدّ حينئذ من الجمع بين إطلاقات التخيير وبين أخبار الترجيح بحمل هذه إمّا على الاستحباب ، وإمّا على كونها في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة ، فإطلاقات التخيير لا تنثلم.
ولا يخفى أن قوله : «وإن أبيت» يعدّ وجها آخر لعدم تقييد إطلاقات التخيير في قبال الوجوه السابقة ، لكنه راجع إلى الأظهرية المانعة عن التقييد ، أو إلى استلزام التقييد حمل المطلق على الفرد النادر ، لقلة موارد تكافؤ الخبرين المتعارضين من جميع الجهات. وكلاهما من الإشكالات المتقدّمة الواردة على تقييد إطلاقات التخيير.
(٢) أي على تمييز الحجة عن اللاحجة.