فتلخّص ممّا ذكرنا (١) : أنّ إطلاقات التخيير محكّمة ، وليس في الأخبار (٢) ما يصلح لتقييدها (٣) (*).
______________________________________________________
(١) من الإشكالات المتقدمة التي أوردها على تقييد إطلاقات التخيير من أظهرية الإطلاقات من التقييد ، ومن استلزام حمَل التقييد حمل المطلقات على الفرد النادر ، وغيرهما.
(٢) أي : أخبار الترجيح التي ادّعي تقييدها لإطلاقات التخيير.
(٣) أي : لتقييد إطلاقات التخيير.
__________________
يقال : بإبائها عن التقييد ، إذ المراد بهذه المخالفة الموجبة لكون الخبر المخالف للكتاب زخرفا وباطلا هي المخالفة التباينية ، لما تقدّم في أول مبحث التعادل والترجيح من أنّ المخالفة بالأعم والأخص المطلق ليست مخالفة عرفا ، لوجود الجمع العرفي بين العام والخاصّ والمطلق والمقيد.
وعليه فالأخبار المشتملة على كون الخبر «باطلا وزخرفا» ونحو ذلك أجنبية عن أخبار المرجحات حتى تحتاج إلى التقييد ، ويستشكل فيه بإبائها عن التقييد ، بل هذه الأخبار في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(*) قد عرفت في توضيح المتن أن المرجحات المنصوص عليها في الأخبار العلاجية كثيرة :
فمنها : الترجيح بصفات الراوي كما في المقبولة والمرفوعة مع اختلافهما في بعض الصفات.
ومنها : الترجيح بالشهرة كما في الخبرين مع اختلافهما في تقديمه على الترجيح بالصفات وتأخيره عنه.
ومنها : الترجيح بموافقة الكتاب والسنة كما في المقبولة وغيرها.
ومنها : الترجيح بمخالفة العامة كما فيها أيضا وفي غيرها.
ومنها : الترجيح بالأحدثية كما استظهره الصدوق «قده» من بعض الأخبار.
فينبغي النّظر في مفاد هذه الطوائف المختلفة ، وتحقيق ما أفاده المصنف «قده» من حمل جملة منها على تمييز الحجة عن غيرها ، أو حملها على الاستحباب ، فالمهم الكلام في المقبولة التي هي أجمع أخبار العلاج للمرجحات ، ثم في بعض أخبار الترجيح ، فنقول وبه نستعين :
ان جهات البحث في المقبولة أربع ، وهي السند ، وفقه الحديث ، والإشكالات الواردة على الاستدلال بها ، والمرجِّحات المنصوصة فيها وفي سائر الأخبار.
أما الجهة الأولى فالظاهر اعتبار سند المقبولة إلّا من ناحية عمر بن حنظلة ، فقد رواها ثقة