.................................................................................................
______________________________________________________
ويكون واسطة في عروضه على الدليلين كوساطة حركة السفينة لحركة الجالس فيها ، فإنّه يصح سلبها عن الجالس فيها حقيقة ، إذ المتحرك هو السفينة دون جالسها ، إلّا بناء على معنى آخر للحركة غير مقصود عرفا.
هذا تقريب الفارق بين تعريف المصنف والمشهور.
وأما وجه عدوله عن تعريف المشهور فأمران ، اقتصر في المتن على ذكر واحد منهما ، وتعرض لكليهما في حاشية الرسائل في مقام تحسين تعريف الشيخ للتعارض :
أحدهما : ما تقدم آنفا من أنه لو كان التعارض «تنافي المدلولين» كما أفاده المشهور كان التعارض وصفا لمتعلق الدليلين لا لأنفسهما. ولو كان التعارض ما أفاده الشيخ من «أنه تنافي الدليلين باعتبار تنافي المدلولين» كان التعارض وصفا لنفس الموصوف أعني الدليلين ، وكان منشأ تنافيهما تمانع مدلوليهما ، فيسري التنافي من المدلولين إلى الدالّين (١).
ثانيهما ـ وهو العمدة ـ أن تعريف المشهور يعمّ موارد الجمع الدلالي والتوفيق العرفي ، مع أنه لا ريب في عدم إجراء أحكام التعارض ـ من التوقف والترجيح والتخيير ـ عليها. وهذا بخلاف تعريف التعارض بتنافي الدليلين. وتوضيحه : أن تنافي الدليلين قد يكون بدويّا زائلا بالتأمل بحيث لا يتحير العرف في الجمع بينهما والعمل بهما ، وقد يكون مستقرّا لا يرى العرف سبيلا إلى الجمع بينهما. والظاهر أن موضوع الأخبار العلاجية والأبحاث الآتية هو التعارض المستقر الّذي يوجب استمرار تحيُّر العرف في الجمع بين المتعارضين كما إذا كان أحدهما يأمر بشيء والآخر ينهى عنه.
وعلى هذا فالتعريف المناسب لهذا الموضوع المأخوذ في أخبار العلاج هو أن يقال : «التعارض تنافي الدليلين» لا تعريفه بـ «تنافي المدلولين» لأن تعريف المشهور يشمل كلّ دليلين متنافيين مدلولا وإن لم يكن بينهما منافاة دلالة وإثباتا ـ أي في مقام الحجية ـ كما إذا كان بينهما حكومة أو جمع عرفي على أنحائه ، فلا بد من إجراء أحكام التعارض عليهما من التخيير أو الترجيح ، مع أنه ليس كذلك ، لخروجهما عن باب التعارض. وهذا بخلاف تعريف المتن ، فإنّه لا يشمل مثل هذين الدليلين. ولنذكر شاهدين على الدعوى المتقدمة.
__________________
(١) حاشية الرسائل ، ص ٢٥٥