.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
المبحث الثالث : في وجه حجية هذا الإجماع. لا يخفى أن المقرّر في الأصول حجية الإجماع من جمة كشفه عن قول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره ، وإلّا فلا عبرة بنفس اتفاق الفقهاء ، بل حتى إذا احتمل مدركيته. وأما في المقام فإمّا أن يكون الوجه في اعتباره ما في مختلف العلامة في بحث الكفارة من كتاب الصوم من قوله : «لا يقال : لا يصح التمسك بهذا الحديث من حيث السند ، فإنّ في طريقه أبان بن عثمان الأحمر ، وكان ناووسيّا. لأنّا نقول : إن أبان وإن كان ناووسيّا إلّا أنه ثقة ، وقال الكشي : انه ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، والإجماع حجة قاطعة ، ونقله بخبر الواحد حجة» (١).
وإما أن يكون وجهه إفادته للظن ، حيث إنه يوجب الظن بصدور روايات هذه العدة ، والظن حجة في الرّجال ، لانسداد باب العلم فيه.
وفي كليهما ما لا يخفى أما الأوّل فلأن الإجماع ـ كما أفاده العلامة ـ منقول بخبر الواحد ، ولا عبرة بتضافر نقله بعد انتهاء السلسلة إلى الكشّي ، إلّا أنه قد تقرر عدم حجية المنقول منه بخبر الواحد. مضافا إلى أن مفروض الكلام في حجية الإجماع هو الاتفاق على حكم شرعي لا موضوع خارجي وهو وثاقة رجال السند ، وعليه فمناط الحجية فيه مفقود.
وأما الثاني فلأنّ الأصل فيه عدم الحجية ، إذ لا دليل على حجية الظن في علم الرّجال ، وإنّما يعوّل فيه على الوثوق والاطمئنان ، لا على مجرّد الظن ، فإن حصل الوثوق من أقوال علماء الرّجال كما يحصل ذلك من اتفاقهم على تعديل شخص أو جرحه فلا كلام ، وإلّا فلا نقول بحجية قولهم ، والروايات الموثوق بصدورها تغنينا عن القول بحجية الظن في الرّجال من باب الانسداد ، إذ لا حاجة إليه مع كفاية تلك الروايات.
إلا أن يدعى حصول الوثوق بالصدور من هذا الإجماع كما التزم به المحدث النوري (ره) (٢) فلا يقصر عن تزكية الرجاليين لشخصٍ ، ولا فرق في التعديل بين توثيق رجل واحد أو بيت معيّن كآل أبي شعبة مثلا وبين التوثيق العام لكل من روى عنه أصحاب الإجماع.
وعلى هذا يسلم هذا الإجماع عن الإشكال العام في حجية الإجماع المنقول من عدم شمول أدلة حجية الخبر للخبر الحدسي ، وذلك لأنّ الكشي يدّعي اتفاق العصابة على صحة أحاديث هذه العدّة ، وهذا إخبار حسّي ، كدعوى السيد ابن طاوس (قده) الإجماع على وثاقة إبراهيم بن هاشم ، فإن هذا
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، ٣ ـ ٧٥٩
(٢) مستدرك الوسائل ، ٣ ـ ٧٥٩