.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الأمر الثاني : أن أخبار الترجيح ـ كما تقدمت في توضيح المتن ـ مختلفة المضامين.
فمنها : ما اشتمل على الترجيح بموافقة الكتاب ثم بمخالفة العامة كمصحح عبد الرحمن.
ومنها : ما اقتصر فيه على الترجيح بموافقة الكتاب والسنة كما في خبر الميثمي المروي عن العيون ـ بناء على كونه من أخبار الترجيح ـ في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الشيء الواحد : «فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله ، فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتّبعوا ما وافق الكتاب ، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ومنها : ما اقتصر فيه على الترجيح بمخالفة العامة كخبر الحسن بن الجهم.
ونسبة أخبار الترجيح بكل منهما على الانفراد مع مصحح عبد الرحمن هي نسبة المطلق إلى المقيد ، ومن المعلوم اقتضاء الصناعة التقييد ، كاقتضائها تقييد مرجحية الكتاب بما دلّ على العرض على الكتاب والسنة ، فيكون نتيجة التقييد العرض أوّلا على الكتاب والسنة ، وثانيا على أخبار العامة أو آرائهم على حسب اختلاف الروايات.
الثالث : اختلف أخبار الترجيح بمخالفة العامة في كون المناط مخالفة أخبارهم أم مخالفة العامة بقول مطلق الشامل لرأيهم وروايتهم ، ففي مصحح عبد الرحمن : «فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه». وفي خبر الحسن بن الجهم : «خذ بما خالف القوم ، وما وافق القوم فاجتنبه» فمدار الترجيح بمقتضى مصحح عبد الرحمن هو مخالفة أخبارهم ، كما أنه بمقتضى خبر الحسن بن الجهم مخالفة القوم ، الظاهر في رعاية ديدن القوم في المسألة بحيث يصح أن يقال : «مسلك القوم كذا وكذا». ومن المعلوم أن النسبة بين المصحّحة وخبر الحسن بن الجهم عموم من وجه ، لاجتماعهما في كثير من الأحكام الشرعية التي تطابقت آراؤهم مع أخبارهم فيها ، فكل من الخبرين يرجح الخبر المخالف لهم ، وافتراقهما فيما إذا كان الحكم في أخبارهم أمرا ، وكانت فتاواهم مخالفة لها ، وفيما إذا أفتى مفتيهم بشيء مع خلوِّ أخبارهم عنه ، لعدم وفاء أخبارهم بجميع أبواب الفقه. كما يظهر من تصريح أبي حنيفة في محاورته مع أبي عبد الله عليهالسلام بالإفتاء بما أدى إليه رأيه والقياس فيما لا يعثر عليه في الكتاب والسنة.
وعلى كلّ فمقتضى مصحح عبد الرحمن الأخذ بما خالف أخبارهم سواء أفتى به فقهاؤهم أم لا ، ومقتضى خبر الحسن بن الجهم ترجيح الخبر المخالف لآرائهم سواء طابقت أخبارهم أم لا ، فيتعارض الخبران فيما إذا كان هناك خبران متعارضان أحدهما موافق لأخبارهم والثاني موافق