.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
المرجحين أمر عليهالسلام بالأخذ بما يخالف العامة (١).
الخامس : ورد في الأخبار العلاجية طائفة تتضمن الترجيح بالأحدثية ، فإذا تعارض خبران قُدِّم المتأخر منهما صدورا ، ومن المعلوم أن هذه الطائفة معارضة لما تقدم من الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة ثم التخيير عند تكافئهما ، ضرورة أن النسبة بين رواية الترجيح بالأحدثية وتلك الروايات هي العموم من وجه ، إذ الأحدثية ترجِّح الخبر المتأخر سواء كان موافقا للعامة أم مخالفا لهم ، ومخالفة العامة أيضا ترجِّح الخبر المخالف لهم سواء أكان متقدما أم متأخرا ، فإذا كان الخبر السابق مخالفا للعامة والحادث موافقا لهم فمقتضى الترجيح بالأحدثية هو الأخذ بالحادث ، ومقتضى الترجيح بمخالفة العامة هو الأخذ بالسابق وعدم الاعتناء بالحادث. وعليه فاللازم علاج التعارض بعد بيان تلك الأخبار.
فمن هذه الطائفة خبر المعلّى بن خنيس ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيِّهما نأخذ؟ فقال : خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله. قال : ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّا والله لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم» (٢). والظاهر من مورد السؤال صورة اختلاف الأحاديث وتعارضهما كما هو صريح مرسل الحسين بن المختار (٣) ، وقد حكم عليهالسلام بالأخذ بالخبر المتأخِّر صدورا ، وعلّل ذلك بـ «أنّا لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم».
ومنها : موثق محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : «قال : قلت له : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يتهمون بالكذب ، فيجيء منكم خلافه؟ قال : إنّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن» (٤). ودلالة قوله عليهالسلام : «إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن» على لزوم الأخذ بالأحدث وترك الحديث المتقدِّم صدورا واضحة ، خصوصا مع التعليل بجريان النسخ في الأحاديث كما في آيات الذّكر الحكيم. وظاهر سؤال محمد بن مسلم : «لا يتهمون بالكذب» عدم القطع بصدور الخبرين عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إذ الخبر القطعي لا يحتمل فيه الكذب حتى يتهم راويه به ، فالموثقة تدل على تعين الأخذ بالأحدث عند تعارض الخبرين في الأخبار الآحاد الظنية.
ومنها : خبر أبي عمرو الكناني ، قال : «قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا أبا عمرو أرأيت لو
__________________
(١) مصباح الأصول ، ٣ ـ ٤١٧
(٢) الوسائل ، ١٨ ـ ٧٨ ، الحديث : ٨
(٣) الوسائل ، ١٨ ـ ٧٧ ، الحديث : ٧
(٤) المصدر ، الحديث : ٤