.................................................................................................
______________________________________________________
يدلان على المتناقضين بالدلالة الالتزامية ، فتقييد التنافي بالتناقض كاف في عموم التعريف للمتضادين غير مسموعة ، لعدم ثبوت كفاية الدلالة الالتزامية في الحدود إن لم
__________________
الالتزامي يكون تمانع المدلولين دائما على وجه التناقض وإن كانا دالّين بالمطابقة على حكمين متضادين كالوجوب والحرمة ، إلا أنّهما دالّان على أمرين متناقضين بالالتزام. وأما الإشكال على تعريف المصنف فبلزوم إلغاء قيد التناقض ، فان المدلولين وان كانا متناقضين ، لكن لمّا كان التعارض في مرحلة الحجية ـ وهي أمر وجودي ـ فلا وجه حينئذ لتوسعة التنافي بكونه على وجه التناقض (١).
لكنه لا يخلو من غموض ، وذلك أما ما أورد على تعريف المشهور ، فالظاهر ـ كما ذكرناه في التوضيح ـ أنّ أخذ قيد التضاد مع دلالة التناقض عليه ، إنما هو للزوم كون الحدّ تاما في وفائه بالمحدود وكونه أجلى منه. والاقتصار على كلمة التناقض باعتبار دلالته الالتزامية على ما لو كان تقابل الحكمين بالتضاد بعيد عن قانون التعريف.
وأما الإشكال على تعريف الماتن ـ بالاقتصار على كلمة التضاد وإلغاء قيد التناقض ـ فقد تقدم بيانه في التوضيح من أنه ناظر إلى تناقض المدلولين تارة وتضادهما أخرى ، وليس ناظرا إلى تنافي الحجتين حتى يكون بنحو التضاد دائما.
وأما توجيه أخذ التناقض في تعريف الماتن «فيما دلّ أحد الخبرين على وجوب شيء والآخر على عدمه بلحاظ استحقاق العقوبة على الترك وعدم استحقاقه ، فانهما متناقضان» (٢) فلا موجب للالتزام به بعد ما عرفت من كلام المصنف في الفوائد. مع أن شيئا من استحقاق المؤاخذة وعدمه ليس مدلول الخبرين ، بل هو أثر الحكم الإلزامي ، والظاهر إناطة التعارض بنفس مؤدى الدليلين لا بلازمهما وما يترتب عليهما من استحقاق المؤاخذة ، فإن موضوع الأخبار العلاجية المذكور فيها هو الخبران المتعارضان ، وإرجاع الخبرين إلى استحقاق العقوبة وعدمه كما ترى.
هذا مضافا إلى اختصاص هذا التوجيه بالخبرين الدالّين على الحكمين الإلزاميّين وعدم شموله لسائر الأخبار المتعارضة.
__________________
(١) نهاية الأفكار ، ٤ ـ ٣٧٢
(٢) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٤١ و ١٤٢