ولما (١) في التعليل «بأن المشهور مما لا ريب فيه»
______________________________________________________
(١) معطوف على «لما» في قوله : «لما في الترجيح» وإشارة إلى ثاني الوجوه التي استدل بها الشيخ على التعدي إلى المرجحات غير المنصوصة ، وهو تعليل الأخذ بالخبر المشهور في مقبولة ابن حنظلة بقوله عليهالسلام : «فان المجمع عليه لا ريب فيه» بتقريب : أن تعليل الترجيح في الخبر المشهور بعدم الريب فيه ظاهر في نفي الريب عنه بقول مطلق ومن جميع الجهات. لكن هذا الظاهر غير مراد هنا قطعا ، لقرائن مسلّمة.
منها : عدم إفادة الشهرة الروائيّة للقطع بالصدور والدلالة والجهة ، بل المقتضي لحصول هذا القطع هو الشهرة الروائيّة والفتوائية معا ، والمفروض في المقبولة شهرة الرواية خاصة ، لقوله : «مشهوران مأثوران قد رواهما الثقات».
ومنها : أن السائل سأل عن حكم تعارض الخبرين ، ولو كان أحدهما قطعيا من جميع الجهات وكان الآخر موهونا كذلك لما كان مجال لفرض التعارض بينهما ، ولا للسؤال عن حكم الخبرين المشهورين ، فلا بد أن يكون الريب المنفي إضافيا لا حقيقيا ، إذ يتجه السؤال حينئذ عما هو أقرب إلى الواقع ، ويكون الريب فيه أقلّ من الآخر.
ومنها : أن الإمام عليهالسلام بعد تعليل الأخذ بالمشهور بـ «أن المجمع عليه لا ريب فيه» استند إلى خبر التثليث ، وظاهره إدراج الخبر الشاذ ـ المقابل للمشهور ـ في الشبهة ، لا في بيِّن الغيّ والحرام البيِّن ، فإن المكلف مجبول على عدم الأخذ بما كان هذا شأنه. وعليه يصير الخبر المشهور مما لا ريب فيه بالإضافة إلى غيره ، لا قطعيا من جميع الجهات.
ومنها : أن الإمام عليهالسلام حكم بترجيح أحد الحكمين بصفات الحاكم من الأصدقية ونحوها ، وتقديم خبر الأصدق إنّما هو من جهة أقربيته إلى الواقع ، فتقوّى أصالة الصدور في الخبر ، لكون راويه أصدق من راوي الخبر الآخر ، وبعد التكافؤ في الصفات رجح
__________________
المتعارضان ، بلا استفصال عن تكافئهما وتفاضلهما ، فاستظهار اختصاصها بالمتعادلين دعوى عهدتها على مدّعيها. بل لا وجه لحملها على المتكافئين من ناحية المرجحات المنصوصة خاصة أيضا كما التزم به المحقق الآشتياني (١) «قده» فان تقييد تلك الإطلاقات بدليل خارجي أمر واستظهار الاختصاص بصورة التكافؤ أمرٌ آخر.
__________________
(١) بحر الفوائد ، ٤ ـ ٤٨