بأن (١) علم كذب أحدهما إجمالا مع عدم امتناع اجتماعهما أصلا (٢).
______________________________________________________
والمتحصل من كلام المصنف في تعريف التعارض هو : أن التعارض يوصف به الأدلة لا المداليل ، يعني تمانع الدليلين في شمول دليل الاعتبار لهما ، وهو منحصر في صور ثلاث :
الأولى : أن يكون منشأ تعارض الدليلين تناقض مدلوليهما كالوجوب وعدمه.
الثانية : أن يكون منشؤه تضاد المدلولين حقيقة كالوجوب والحرمة.
الثالثة : أن لا يكون منشؤه تنافي المدلولين أصلا ، بل العلم الإجمالي بكذب أحد المتعارضين أوجب التعارض بين الدليلين وعدم شمول دليل الاعتبار لهما ، ويطلق على هذا القسم التعارض بالعرض.
(١) هذا تفسير للتضاد العرضي ، وقد عرفت انطباقه على صورتين كما نقلناه عن حاشية الرسائل ، ومثّل كثير من الأصوليين للعلم الإجمالي بكذب أحد الدليلين بنظائر مثال استحباب الوضوء وانفعال ماء البئر (*).
(٢) يعني لا عقلا ولا شرعا. لكنّه على هذا التعميم يخرج عن التعارض موضوعا وحكما ، فالأولى إسقاط كلمة «أصلا» أو إبدالها بـ «عقلا» حتى تندرج صورة العلم الإجمالي في باب التعارض حكما كما سيأتي في التعليقة.
__________________
(*) لعل الأولى التمثيل للتعارض بالتضاد العرضي ـ الّذي هو خارج حقيقة عن التعارض وداخل فيه عرضا أي لدليل خارجي ـ بالصورة الأولى من هاتين الصورتين وهي مثال صلاتي الظهر والجمعة ، حيث إنه لا تنافي بينهما بعد تعددهما موضوعا ، وإمكان تشريع الوجوب لهما معا ، لكن الشارع لمّا لم يوجب يوم الجمعة إلّا إحداهما ، فكل من دليليهما يثبت مؤداه مطابقة ، وينفي مؤدى الآخر التزاما ، فيثبت التناقض بينهما بالدلالة الالتزامية ، فدليل وجوب الظهر يدل مطابقة على وجوبه والتزاما على عدم وجوب الجمعة ، وكذا العكس. ومن المعلوم أن هذا التناقض نشأ من الدليل الخارجي القائم على وحدة الفريضة في ظهر يوم الجمعة ، كما أن تضاد المتعلقين نشأ أيضا من هذا الدليل الخارجي ، إذ لا تضاد حقيقة بينهما ، والتضاد لم ينشأ إلّا من وحدة التكليف.
ونظير هذا المثال الماء القليل المتنجس المتمم كرّا بطاهر ، فإنه لا مانع عقلا من نجاسة المتمّم وطهارة متمِّمه ، لاستصحابهما. إلّا أنه ادّعي الإجماع على عدم كون الماء الواحد محكوما بحكمين ،