أوّلهما المشهور (١). وقصارى ما يقال في وجهه (٢) : ان الظاهر من الأخبار العلاجية سؤالا وجوابا هو التخيير أو الترجيح في موارد التحيُّر مما
______________________________________________________
(١) بل قال الشيخ : «وما ذكرناه كأنّه مما لا خلاف فيه كما استظهره بعض مشايخنا المعاصرين ، ويشهد له ما يظهر من مذاهبهم في الأصول وطريقتهم في الفروع».
(٢) أي : في وجه القول الأوّل المشهور وهو خروج موارد التوفيق العرفي عن الأخبار العلاجية. وتوضيح هذا الوجه : أنّ الكلام تارة يقع في تعارض النص والظاهر ، وأخرى في تعارض الأظهر والظاهر.
أمّا الأوّل فلا إشكال في خروجه عن التعارض الّذي هو موضوع الأخبار العلاجية ، حيث إنّه لا تحيُّر للعرف في كشف المراد عنهما بحمل الظاهر على النص. بخلاف باب التعارض ، فإنّ العرف يتحيّر في استفادة المراد من المتعارضين ، فلا محيص عن الرجوع في حكمهما إلى الأخبار العلاجية.
وأمّا الثاني ففيه قولان : أحدهما ـ وهو المنسوب إلى المشهور ـ خروجه عن الأخبار العلاجية ولزوم الأخذ بالأظهر ، لما أفاده في المتن من وجوه ثلاثة :
الأوّل : انصراف الأخبار العلاجية عن موارد الجمع العرفي ، لأنّ موردها سؤالا وجوابا هو موارد التحير ، لاشتمالهما على لفظ «المتعارضين» ونحوه مما يوجب تحير العرف في فهم المراد. والتخيير والترجيح واردان في هذا المورد ، ومن المعلوم أن العرف لا يتحيّر في استفادة المراد من موارد الظاهر والأظهر كالعام والخاصّ والمطلق والمقيد.
فالنتيجة : اختصاص الترجيح والتخيير بغير موارد الجمع العرفي.
وهذا الوجه أفاده شيخنا الأعظم «قده» في المقام الرابع من مقامات الترجيح بقوله : «وبتقرير آخر : إذا أمكن فرض صدور الكلامين على غير جهة التقية وصيرورتهما كالكلام الواحد ، على ما هو مقتضى دليل وجوب التعبد بصدور الخبرين ، فيدخل في قوله عليهالسلام : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ... إلى آخر الرواية المتقدمة ، وقوله «عليهالسلام» : إنّ في كلامنا محكما ومتشابها فرُدّوا متشابهها إلى محكمها. ولا يدخل ذلك في موارد السؤال عن علاج المتعارضين ، بل مورد السؤال عن العلاج مختص بما إذا كان المتعارضان لو فرض صدورهما بل اقترانهما تحيّر السائل فيهما ، ولم يظهر المراد منهما