وعليه (١) فلا تعارض بينهما بمجرد تنافي مدلولهما (٢) إذا كان بينهما حكومة رافعة للتعارض (٣) والخصومة ، بأن (٤) يكون أحدهما قد سيق ناظرا
______________________________________________________
موارد خروج الجمع الدلالي عن تعريف التعارض :
الموارد الأول : حكومة أحد الدليلين على الآخر
(١) أي : وبناء على تعريف التعارض بتنافي الدليلين لا المدلولين لا تعارض بين الدليلين إذا كان المدلولان متمانعين متنافيين لكن لم يكن بينهما معارضة في مقام الدلالة والحجية. وهذه العبارة كما أنّها تبيّن وجه عدول الماتن عن تعريف المشهور للتعارض إلى تعريفه بتنافي الدليلين في مقام الدلالة كما سبق توضيحه في (ص ١٥) عند بيان الفرق بين التعريفين ، كذلك تبيِّن ثمرة التعريف المزبور ، وخروج موارد الحكومات والتوفيقات العرفية عن موضوع التعارض مما يتحقق فيه منافاة بين المدلولين ، لكنها لا تسري إلى دليل الحجية ، لإمكان الجمع العرفي بين المدلولين.
(٢) هذا الضمير وضميرا «بينهما» في الموضعين راجعة إلى الدليلين.
(٣) المقصود به تنافي المدلولين لا التعارض المصطلح عنده وهو تنافي الدليلين ، لأنه «قده» يريد إخراج موارد الحكومة ـ التي يتحقق فيها التنافي بين المدلولين لا الدليلين ـ عن تعريف التعارض ، فلا بد أن يراد بكلمة «التعارض» تنافي المدلولين حتى يتجه خروج موارد الحكومة عن التعارض المصطلح الّذي هو تنافي الدليلين.
(٤) هذا إشارة إلى تعريف الحكومة الرافعة لتعارض الدليلين. وقد سبق منّا توضيح الحكومة والورود والتوفيق العرفي ـ الشامل لهما وللتخصيص ولحمل الظاهر على الأظهر ، وحمل أحد الحكمين على الاقتضائي والآخر على الفعلي ـ في المقام الثاني من تتمة الاستصحاب (١) كما سبق شرح الحكومة وما يميِّزها عن التخصيص والورود في قاعدة «لا ضرر» (٢).
__________________
وليس الاستطراد في هذه الأمور فحسب ، لوجود جملة أخرى من المباحث التزموا بالبحث عنها استطرادا في علم الأصول ، لعدم البحث المستوفى عنها في مقامات أخرى ، فالمهم البحث عن كون التعارض تنافي الأدلة أو المداليل ، فلو اقتضت الصناعة تعريفه بتمانع الأدلة لم يكن إشكال الاستطراد موجبا للعدول عنه إلى تعريف المشهور.
__________________
(١) راجع الجزء السابع من هذا الشرح ، ص ٧٦٠ وما بعده
(٢) راجع الجزء السادس من هذا الشرح ، ص ٦١٤ إلى ٦١٦