العموم قطعا (١) ، فكيف (٢) يكون ظاهرا فيه؟
فانه يقال (٣) : إن المعلوم عدم إرادة العموم ،
______________________________________________________
(١) القطع بعدم استعماله في العموم ناش عن القطع بعدم إرادة العموم منه ، ومع هذا القطع لم يستعمل فيه ، للغويّة استعماله حينئذ في العموم.
(٢) يعني : فكيف يكون العام ظاهرا في العموم مع عدم استعماله فيه؟
(٣) هذا جواب الإشكال ، ومحصله : أنّ المخصص المنفصل القطعي ليس قرينة على عدم استعمال العام في العموم حتى يقال : بعدم ظهوره في العموم ، بل هو قرينة على عدم إرادة المتكلم له ، وعدم الإرادة لا يلازم عدم الاستعمال ولا لغوية الاستعمال ، لإمكان ترتب فائدة عليه ، وهي : إفادة قاعدة كلية تكون مرجعا عند الشك في التخصيص ، وهذه الفائدة المهمة تترتب على استعمال العام في العموم. ويشهد بذلك حجية العام ـ بالاتّفاق ـ في تمام ما بقي بعد التخصيص ، إذ مع فرض عدم الاستعمال في العموم لا وجه لحجيته في تمام الباقي ، لاحتمال عدم كون المستعمل فيه تمام الباقي ، بأن يكون هو بعض مراتب الباقي.
__________________
كلام شيخنا الأعظم «قده» في حكاية مطلب الفاضل ، حيث قال : «وقد توهم بعض من عاصرناه ، فلاحظ العام بعد تخصيصه ببعض الأفراد بإجماع ونحوه مع الخاصّ المطلق الآخر». وقال أيضا : «ولا أظنّ يلتزم بذلك فيما إذا كان الخاصان دليلين لفظيين ... وإنّما يتوهم ذلك في العام المخصّص بالإجماع والعقل ...».
وعلّق عليه المصنف في حاشية الرسائل بما محصله : أمّا الإجماع فهو كالدليل اللفظي المنفصل غير مصادم لظهور الكلام وإن كان مانعا عن حجيته. وأمّا العقل ففيه تفصيل ، فإن كان مركوزا في الأذهان بحيث يعتمد أهل اللسان في محاوراتهم عليه في استعمال الألفاظ في غير ما وضعت له فهو كالقرينة المتصلة مانع عن انعقاد ظهور العام في ذلك الفرد المخرج. وإن لم يكن الحكم العقلي كذلك فهو كالإجماع دليل منفصل يمنع عن حجية ظهور العام لا عن أصل ظهوره ، فلا وجه لملاحظة العام مع ذلك الحكم العقلي ، ثم لحاظه بعد انقلاب نسبته مع ساير الخصوصات (١).
__________________
(١) حاشية الرسائل ، ص ٢٧٨