التباين إنّما كان بينه (١) وبين مجموعها لا جميعها (٢) ، وحينئذ (٣) فربّما يقع
______________________________________________________
(١) أي : بين العام وبين مجموع الخصوصات ، لا بين العام وجميع الخصوصات.
(٢) قد عرفت آنفا الفرق بين المجموع والجميع ، وهو : أن أحد طرفي المعارضة العام والطرف الآخر مجموع الخصوصات أي لحاظها مخصصا واحدا ، وليس المعارض للعام كل واحد من الخصوصات حتى يلزم طرحها أجمع على تقدير تقديم العمل بالعامّ ، بل المعارض هو المجموع الّذي يتحقق طرحه بترك العمل ببعض الخصوصات. فلو عمل بالعامّ وخصّصه ببعض الخصوصات صدق عليه طرح المجموع وإن لم يصدق عليه طرح الجميع ، لأن الجميع عنوان مشير إلى آحاد الخصوصات ، بخلاف المجموع الّذي هو عنوان لعدة أمور يكون لهيئتها الاجتماعية دخل في الحكم.
(٣) يعني : وحين عدم طرح جميع الخصوصات ـ ولزوم الأخذ ببعضها وتخصيص العام به ـ ربما يقع التعارض بالعرض بين الخصوصات ، كما إذا ورد «أكرم الأمراء ، لا تكرم فسّاق الأمراء ، يستحب إكرام العدول منهم» فإنّ تخصيص العام بهما مستلزم لعدم بقاء مورد للعام ، فيقع التعارض التبايني بين العام ومجموع الخاصّين ، ولا بدّ من العلاج.
فإن طرحنا العام وعملنا بالخاصّين فهو. وإن قدّمنا العام لم يجز طرح الخاصّين معا ، كما لا يجوز العمل بهما. أمّا عدم جواز طرحهما معا فلأنّهما حجتان ، وما يكون مزاحما للعام واحد منهما لا كلاهما ، لأنّ منشأ عدم بقاء مورد للعام هو العمل بهما معا ، وحينئذ فالعام حجة بمقتضى أدلّة العلاج ، وأحد الخاصّين حجة أيضا بمقتضى الأدلّة ، فيقع التعارض بالعرض بين نفس الخاصّين من جهة تعذّر العمل بهما معا ، ومعنى التعارض بالعرض هو العلم الإجمالي بعدم شمول أدلة الاعتبار لكلا الخاصّين ، وأنّ الحجة منهما أحدهما لا كلاهما.
وفي مثله تصل النوبة إلى رعاية قانون التعارض ، فان كان أحدهما أقوى دلالة قدّم على الآخر كما في «يستحب إكرام الأمراء» فإنّه أظهر في الاستحباب من ظهور «لا تكرم الأمراء» في الحرمة. وإن لم يكن لأحدهما مزيّة بقوة الدلالة فالحكم هو وجوب الترجيح بالمرجحات إن قلنا بوجوبه ، أو التخيير في تخصيص العام بأحد الخاصّين إن لم نقل بوجوب الترجيح كما هو مختار الماتن «قده».