.................................................................................................
______________________________________________________
مضافا إلى : أن لساني العام والخاصّ لسان المعارضة ، ولذا يكون تقديم الخاصّ على العام بحكم العقل من باب الأخذ بأقوى الدلالتين ، ولساني الحاكم والمحكوم لسان الملاءمة والمسالمة كما عرفت في المثال المتقدم ، حيث إن الدليل المحكوم يدل على ثبوت الحكم على تقدير وجود موضوعه ، ولا يدل على وجود ذلك التقدير أو عدمه ، والدليل الحاكم يهدم ذلك التقدير.
وأما مثال الحكومة الموسِّعة فهو : كما إذا دلّ الدليل على إناطة وجوب قصر الصلاة والإفطار بالمسافة الامتدادية ، ودلّ دليل آخر على أن المسافة التلفيقية هي المسافة الامتدادية ، فإنّ حكومة ما دلّ على موضوعية الثمانية التلفيقية موسِّعة لموضوع دليل حكم الثمانية الامتدادية. وللحكومة الموسعة والمضيقة في الفقه أمثلة كثيرة.
وأما عبارات الشيخ الأعظم «قده» في تحديد الحكومة فلاحظها في قاعدة لا ضرر وخاتمة الاستصحاب وأول بحث التعادل والترجيح ، قال في الموضع الأخير : «وضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال الدليل الآخر ورافعا للحكم الثابت بالدليل الآخر عن بعض أفراد موضوعه ، فيكون مبيِّنا لمقدار مدلوله مسوقا لبيان حاله ... إلخ». وظاهر هذه الجملة الأخيرة اعتبار تقدم صدور المحكوم على الحاكم. وأظهر من هذه العبارة قوله بعد العبارة المتقدمة ـ المشتملة على ما دلّ على نفي الشك عن كثير الشك وعدم الشك بعد الفراغ عن العمل وغيرهما ـ : «فلو فرض أنه لم يرد من الشارع حكم الشكوك لا عموما ولا خصوصا لم يكن مورد للأدلة النافية لحكم الشك في هذه الصور» بل هذا الكلام صريح في اعتبار تقدم المحكوم على الحاكم في تحقق الحكومة (*).
__________________
(*) إذ بناء عليه يتفرع الحاكم على المحكوم تفرّع المفسِّر ، على المفسّر ، لأنه يبيِّن كمية موضوعه سعة وضيقا ، فلو لم يرد قبل الحاكم دليل كان الحاكم لغوا ، إذ لا معنى لأن يكون مبيِّنا لكمية موضوع ليس له عين ولا أثر. فقول الشيخ : «فلو فرض أنه لم يرد من الشارع حكم الشكوك ... إلخ» كالصريح في إرادة ورود المحكوم متقدما على الحاكم زمانا ، فإرادة التقدم عليه رتبة كما أفاده سيدنا الأستاذ «قده» (١) خلاف الظاهر ، ولا بد من مزيد التأمل.
__________________
(١) حقائق الأصول ، ٢ ـ ٥٥٢