.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الآخر فيرتفع أيضا ، إذ يخصّص أو يقيّد ذلك العقد السلبي بنصوصية عقد الإثبات ، وتصير الروايتان بمنزلة رواية واحدة دلّت على نفي الضمان في العارية إلّا مع الشرط أو كون المستعار من الدراهم أو الدنانير.
والكلام كله في حلّ تعارض عقد الإيجاب في ضمان الذهب والفضة مع عموم العقد السلبي أو إطلاقه في روايتي الدراهم والدينار ، فإنّ الظاهر كون النسبة بينهما هي العموم من وجه ، لدلالة العقد السلبي في الخبرين على نفي ضمان عارية مثل الكتب والفرش ، ودلالة العقد الإثباتي في رواية الذهب والفضة على ضمان عاريتهما ، وتعارضهما التبايني في مادة الاجتماع وهو عارية المصوغ من الجنسين كحليّ النساء والسبائك ، فإن أمكن علاج التعارض بما سيأتي بيانه فهو ، وإلّا فبعد تنافي المخصّصات بعضها مع بعض لا بد من الاقتصار في تخصيص عموم نفي الضمان بقدر ما قامت الحجة عليه وهو عارية الدراهم والدنانير خاصة.
وقد استدلّ للمشهور بوجهين :
أحدهما : مبني على ملاحظة كل واحد من الخصوصات مع عموم صحيح الحلبي ، وكون النسبة العموم والخصوص المطلق.
وثانيهما : مبني على كون النسبة بين المخصصات عموما من وجه ، لكن يتعين تقديم عقد الإيجاب في رواية الذهب والفضة لخصوصية في المقام.
أما الوجه الأول : فقد اعتمد عليه جمع من أساطين الفقه منهم صاحب الجواهر «قده» ، حيث قال بعد ذكر جملة من الأخبار ـ وأنّ الأقوى هو الضمان في عارية مطلق الذهب والفضة ـ ما لفظه : «بعد ظهور اتّحاد المستثنى منه في جميعها في كون المراد تعدد الإخراج من العام ، فهي مخصّصات متعددة من عام متحد لا يقدح أخصية بعضها من بعض ، إذ جميع المخصّصات متحدة في الحكم الإيجابي الّذي هو الضمان ، فلا يحمل بعضها على بعض بعد عدم التنافي بينها ... إلى أن قال : فهو بمنزلة أن يقول : أكرم الرّجال ، ثم يقول : لا تكرم زيدا منهم ، وأخرى : لا تكرم عمراً ، وثالثة : لا تكرم الجهّال ، وفي الواقع كان زيد وعمرو من أفراد الجهّال ، فإنّه لا يشك من له أدنى فهم بالخطابات العرفية إرادة إخراج الجهّال من الحكم الأوّل ، ولكن نصّ على زيد وعمرو للتأكيد ونحوه» (١).
__________________
(١) جواهر الكلام ، ٢٧ ـ ١٨٤.