.................................................................................................
______________________________________________________
بل أصل دعوى تفرع الحاكم على المحكوم ممنوعة ، فان الحاكم قد يكون ذا مفاد مستقل ، ولا نظر له إلى مدلول دليل آخر ـ بالمعنى الّذي يظهر من كلام الشيخ للنظر ـ ولأجل هذا التزم المصنف بورود أدلة الأمارات على أدلة الأصول العملية كما سبق شرحه في تتمة الاستصحاب ، فراجع كلماته هناك وفي الحاشية والفوائد (١).
وليعلم أن مناقشة الماتن في مقالة شيخنا الأعظم «قده» ـ من حكومة الأمارات على الأصول ـ أمران :
أحدهما : ما تقدم في آخر الاستصحاب وسيأتي في المتن قريبا من إنكار أصل حكومتها عليها ، لأن المعتبر عند الشيخ في حكومة أحد الدليلين هو النّظر ـ بمدلوله اللفظي ـ إلى مدلول الدليل المحكوم ، والمفروض فقدان هذا النّظر بين أدلة الأمارات والأصول.
ثانيهما : ما أفاده المصنف هنا بقوله : «مقدما أو مؤخرا» وحاصله ـ كما مر تفصيله ـ أنه على فرض انطباق ضابط الحكومة نقول : بعدم اعتبار سبق صدور المحكوم على الحاكم ، ولا يلزم لغويته لو صدر قبل المحكوم ، ولذا لا يكون جعل الأمارات لغوا قبل تشريع الأصول العملية ، فتأمل في كلمات المصنف كي لا تتوهم وحدة الإشكالين وأولهما إلى أمر واحد.
(بقي التنبيه) على بعض أحكام الحكومة ، وهو : أن قوام الحكومة حيث كان بتعرض الدليل الحاكم لما يراد من موضوع الدليل المحكوم تعميما أو تخصيصا ، فلذا تخرج مواردها عن موضوع التعارض كخروج موارد ورود أحد الدليلين على الآخر من جهة عدم تواردهما على موضوع واحد. فالدليل الحاكم يشبه القرينة المنفصلة من جهة والمتصلة من جهة أخرى.
أما كونه بنظر العرف في حكم القرينة المتصلة الحاكية مع ذيها عن معنى واحد فلأن الحاكم وإن كان منفصلا عن المحكوم وغير مانع عن ظهوره في مؤداه ، إلّا أنه بلحاظ شارحيته له لا يغاير مدلول المحكوم. وأما كونه كالقرينة المنفصلة ، فلأن المدلول وإن كان واحدا لبّا ، لعدم مغايرة الشارح للمراد من المشروح ، إلّا أن الدال على هذا المدلول الواحد متعدد ، لفرض الانفصال واستقرار ظهور كلا الدالين. وبهذا تصير الحكومة برزخا بين القرينة المنفصلة والمتصلة ، فمن حيث
__________________
(١) حاشية الرسائل ، ص ٢٥٦ و ٣٢٥