والعجب كل العجب أنه (١) رحمهالله لم يكتف بما أورده من النقض حتى ادّعى استحالة تقديم الترجيح بغير هذا المرجح (٢) على الترجيح به ، وبرهن (٣) عليه بما حاصله : «امتناع التعبد بصدور الموافق ، لدوران (٤) أمره بين عدم صدوره من أصله ، وبين صدوره (٥) تقية ، ولا يعقل التعبد به على التقديرين (٦) بداهة ،
______________________________________________________
برهان امتناع تقديم المرجح الصدوري على الجهتي
(١) أي : أنّ بعض الأعاظم من تلامذة الشيخ وهو المحقق الرشتي لم يكتف. ومحصل ما أفاده من دعوى استحالة تقديم المرجح السندي على الجهتي خلافا للشيخ ـ القائل بتقدّم الأرجح صدورا إذا كان موافقا للعامة على غيره وإن كان مخالفا للعامة ـ هو القطع بعدم إمكان شمول دليل اعتبار الخبر للخبر الموافق للتقية ، لدوران أمره بين عدم صدوره رأسا وبين صدوره تقية. وعلى التقديرين لا يعقل حجيته كعدم تعقّل حجية الخبر الموافق للعامة إذا كان قطعيّ الصدور ، لامتناع التعبد بصدور ما علم بصدوره ، وجدانا ، بل صحة التعبد به منوطة بالشك في صدوره.
(٢) أي : المرجح الجهتي ، والمراد بغيره هو المرجّح الصدوري. وضمير «به» راجع إلى «هذا المرجح» وهو المرجح الجهتي ، وغرضه : دعوى استحالة تقديم المرجّح الصدوري على الجهتي ، وهذا التقديم هو مدعى الشيخ.
(٣) يعني : وبرهن المحقق الرّشتي «قده» على دعوى هذه الاستحالة بامتناع ترجيح الأرجح صدورا الموافق للعامة على الخبر المخالف لهم ، لأنّ أمر الموافق للعامة دائر بين عدم صدوره رأسا ، وبين صدوره تقية ، وعلى التقديرين لا يعقل التعبد به كما مرّت الإشارة إليه آنفا.
(٤) تعليل لامتناع التعبد بصدور الموافق ، وقد تقدم توضيحه.
(٥) هذا الضمير وضمائر «أمره ، صدوره ، به» راجعة إلى «الموافق».
(٦) وهما عدم الصدور أصلا ، أو صدوره تقية بداهة ، لعدم أثر شرعي يصح التعبد بلحاظه.