.................................................................................................
______________________________________________________
نعم منشأ الانتزاع في المرجح الداخليّ نفس الخبر ، بخلافه في الخارجي ، فإنّه مركب منه ومن الخارج. إلّا أنّ هذا المقدار غير موجب للفرق بينهما بما ذكر. فالأولى أن يعرّف المرجح الداخليّ بما كان منشأ انتزاعه (*) نفس الأمور المتعلقة بالرواية من صفات الراوي أو متنها أو وجه صدورها ، والخارجي بخلافه (١).
ولعله لهذا عنوان الماتن البحث هنا بقوله : «موافقة الخبر لما يوجب ...» ولم يفتتح الكلام بمثل ما في الرسائل من قوله «وأما المرجحات الخارجية فقد أشرنا إلى أنها على قسمين : الأول ما يكون غير معتبر بنفسه ، والثاني ما يعتبر بنفسه بحيث لو لم يكن هناك دليل كان هو المرجع ...».
وبوضوح الأمرين نقول : إن المرجحات الخارجية على أقسام ، فإنّها إمّا غير معتبرة في نفسها مع كونها معاضدة لمضمون أحد الخبرين المتعارضين ، لكونها في رتبته كالشهرة الفتوائية وهي تتصور على وجهين ، أحدهما : أن يكون عدم اعتبارها لأجل عدم الدليل على اعتبارها ، وثانيهما : أن يكون عدم اعتبارها لأجل قيام الدليل الخاصّ على عدم اعتبارها.
وإمّا معتبرة في نفسها ، وهي تتصور على وجهين أيضا ، أحدهما : أن تكون معاضدة لمضمون أحد الخبرين كالكتاب والسنة. والآخر : أن لا تكون معاضدة لمضمون أحد الخبرين ، لعدم كونها في رتبته كالأصل العملي ، بناء على عدم اعتباره من باب الظن ، وإلّا كان معاضدا له. وعليه فالمرجحات الخارجية أربعة أقسام.
__________________
(*) لا يخلو هذا التعبير عن المسامحة ، إذ المرجوح الداخليّ ـ كصفات الراوي من الأعدلية وغيرها وفصاحة متن الرواية ـ ليس له منشأ انتزاع ، بل نفسه مرجّح. فلعل الأولى تعريف المرجح الداخليّ : بأنّه ما يتعلق بنفس الرواية من صفات راويها ومتنها ووجه صدورها. نعم يصح التعبير بمنشإ الانتزاع في المرجح الخارجي ، حيث إنّ المرجح عبارة عن موافقة الخبر لما هو دليل مستقل في نفسه كالكتاب ، فالمرجح وهو موافقة الخبر ينشأ من ذلك الدليل ، فهو منشأ انتزاع المرجحية ، فمرجحية الكتاب إنّما هي اعتبار منشئيته لما هو مرجح ، لا أنه بنفسه مرجح.
__________________
(١) حاشية الرسائل ، ص ٢٧٤.