.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى كلّ فالظاهر اعتبار كون الاجتهاد تحمّلا للمشقة ، أو بذلا للوسع في عمل فيه ثقل وصعوبة كحمل حجر ثقيل ، فلا يقال : «اجتهد في حمل ورقة أو نواة».
(١) ينبغي التنبيه على نكتة قبل توضيح المتن ، وهي : أنّ الموضوع للآثار الشرعية في الأدلة ـ كجواز الإفتاء ونفوذ القضاء ونحوهما ـ ليس هو عنوان «المجتهد» بل عنوان «العالم والفقيه والعارف بالأحكام» ونحوها ، وكان المناسب حينئذ تعريف «الفقاهة» ونحوها باعتبار ترتب الأحكام عليها دون عنوان «الاجتهاد».
لكن المقصود من الجميع واحد ، وهو استخراج الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية. والوجه في العدول عن تلك العناوين إلى عنوان «الاجتهاد والمجتهد» أحد أمرين :
الأوّل : أن معرفة الأحكام الشرعية متوقفة أوّلا على وجود ملكة يقتدر بها على الاستنباط وردّ الفروع إلى الأصول ، وثانيا على إعمال هذه القدرة بالنظر في أدلّة الفقه ، وكلمة «الاجتهاد» تدل على هذين الأمرين. وبيانه : أنّ أجمع رواية دلّت على اعتبار الاجتهاد في القاضي ـ كما قيل ـ هي مقبولة عمر بن حنظلة المتقدمة في مباحث التعادل والترجيح ، وذلك لقوله «عليهالسلام فيها» : «ينظر إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما» فاعتبر عليهالسلام أمورا ثلاثة في القاضي ، أوّلها : رواية حديثهم عليهمالسلام وثانيها : النّظر في حلالهم وحرامهم ، عليهالسلام وثالثها : معرفة أحكامهم عليهمالسلام.
وليست هذه العناوين مترادفة ، بل الثاني أخص من الأوّل ، والثالث أخص من الثاني ، وذلك لأنّ القاضي وإن اعتبر فيه رواية الحديث ، إلّا أن مجرد روايته له لا يلازم دراية الحكم الشرعي في الواقعة ، لاجتماع الرواية مع عدم الدراية ، فإنّ كثيرا من رواة الأخبار ونقلة الأحاديث لم يكونوا علماء ، بل من العوامّ الذين دعتهم الحاجة الشخصية إلى السؤال عن الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين» والمراجعة إليهم ، وقد ورد عنهم عليهمالسلام : «ربّ حامل فقه وليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
ولذا اعتبر عليهالسلام في القاضي ـ مضافا إلى رواية الحديث ـ النّظر في الحلال والحرام ، إذ المقصود بالنظر فيهما التأمّل والتدبّر فيهما ، فإنّ «النّظر» إذا تعدّى بـ «في»