والعلّامة (١) ـ «استفراغ الوسع (٢) في تحصيل الظنّ بالحكم
______________________________________________________
في تحصيل الأحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها القياس» (١).
وعلى هذا يكون جعل العنوان «الاجتهاد» مجرد متابعة للعامة في التسمية ، لا في المقصود منه ، كما عرفت تصريح المحقق به.
وكيف كان فالمذكور في المتن تعريفان للاجتهاد ، أحدهما ناظر إلى كونه ملكة نفسانية راسخة ، وثانيهما إلى كونه فعلا خارجيا وهو الاستنباط الفعلي للأحكام بالنظر في أدلتها. وسيأتي الكلام فيهما.
(١) تعريف العلامة «قده» للاجتهاد مشتمل على تتمة لم تذكر في المتن ، ففي كتابه نهاية الوصول عرّفه بقوله : «وأمّا في عرف الفقهاء فهو استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية ، بحيث ينتفي اللوم عنه بسبب التقصير» ثم قال : «وإنّما قلنا في طلب الظن ليخرج الأحكام القطعية. وقولنا : بشيء من الأحكام الشرعية ليخرج الاجتهاد في الأمور العقلية. وقولنا : بحيث ينتفي اللوم عنه بسبب التقصير ليخرج اجتهاد المقصّر مع إمكان المزيد عليه ، فإنّه لا يعدّ اجتهادا معتبرا». وحكي ما يقرب منه عن كتاب التهذيب. وعليه فالاجتهاد عند العلّامة ليس تحصيلا لمطلق الظن بالحكم الشرعي ، بل يعتبر خصوص الظن الّذي لا يمكن المزيد عليه بالفحص.
(٢) هذا المعنى للاجتهاد يكون أخصّ من المعنى اللغوي على تقدير ، وملزوما له على تقدير آخر ، وبيانه : أنه بناء على كون المعنى اللغوي للجهد هو الوسع والطاقة ـ سواء أكان «الجهد» بالفتح أم بالضم ، أو كان الاجتهاد مأخوذا من «الجهد» بالضم الّذي هو بمعنى الوسع أيضا على قول الفراء ـ يكون المعنى الاصطلاحي أخص من اللغوي ، لكون «استفراغ» الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي» من أفراد مطلق بذل الوسع ، فيكون من نقل العام إلى الخاصّ. وبناء على كون معنى «الجهد» لغة المشقة يكون المعنى الاصطلاحي المذكور ملزوما للمعنى اللغوي ، ضرورة لكون استفراغ الوسع مستلزما للمشقة ، فيكون من نقل اللازم الأعم إلى ملزومه كما هو واضح.
وعلى التقديرين يكون المعنى الاصطلاحي منقولا لا مرتجلا. ولعل الأنسب اشتقاقه
__________________
(١) معارج الأصول ، ص ١٨٠